يستأذنك البعض وقيل : المراد بتلك الطائفة من بقي من المنافقين على نفاقه ولم يتب وليس بذاك .
أخرج ابن المنذر وغيره عن قتادة أنه قال في الآية : ذكر لنا أنهم كانوا إثني عشر رجلا من المنافقين وفيهم قيل ما قيل .
فاستأذنوك للخروج معك إلى غزوة أخرى بعد غزوتك هذه التي ردك الله منها بتأييده فقل لهم إهانة لهم على أتم وجه لن تخرجوا معي أبدا ما دمت ودمتم ولن تقاتلوا معي عدوا من الأعداء وهو إخبار في معنى النهي للمبالغة .
وذكر القتال كما قال بعض المحققين لأنه المقصود من الخروج فلو أقتصر على أحدهما لكفى إسقاطا لهم عن مقام الصحبة ومقام الجهاد أو عن ديوان الغزاة وديوان المجاهدين وإظهارا لكراهة صحبتهم وعدم الحاجة إلى عدهم من الجند أو ذكر الثاني للتأكيد لأنه أصرح في المراد والأول لمطابقته للسؤال ونظير ذلك .
أقول له ارحل لا تقيمن عندنا .
فإن الثاني أدل على الكراهة إنكم رضيتم بالقعود عن الخروج معي وفرحتم به أول مرة أي من الخروج فنصب أفعل المضاف على المصدرية وقيل : على الظرفية الزمانية واستبعده أبو حيان والظاهر أن هذا الإختلاف للإختلاف في مرة ونقل عن أبي البقاء أنها في الأصل مصدر مر يمر ثم إستعملت ظرفا واختار القاضي ألبيضاوي بيض الله غرة أحواله النصب على المصدرية وأشار إلى تأنيث الموصوف حيث قال : وأول مرة هي الخرجة إلى غزوة تبوك وذكر أفعل لأن التذكيير هو الأكثر في مثل ذلك وفي الكشاف أن مرة نكرة وضعت موضع المرات للتفضيل وذكر اسم التفضيل المضاف إليها وهو دال على واحدة من المرات لأن أكثر اللغتين هند أكبر النساء وهي أكبرهن وهي كبرى مرأة لا تكاد تعثر عليه ولكن هي أكبر إمرأة وأول مرة وآخر مرة وعلل في الكشف عدم العثور على نحو هي كبرى إمرأة بأن أفعل فيه مضاف إلى غير المفضل عليه بل إلى العدد المتلبس هو به بيانا له فكأنه قيل : هي إمرأة أكبر من كل واحدة واحدة من النساء وفي مثله لا يختلف أفعل التفضيل فالتحقيق أنه لا يشبه ما فيه اللام وإنما المطابقة بين موصوفه وما أضيف إليه ولا مدخل لطباقه في اللفظ والمعنى فتدبر والجملة في موضع التعليل لما سلف فهي مستأنفة إستئنافا بيانيا أي لأنكم رضيتم فاقعدوا مع الخالفين .
48 .
- أي المتخلفين لعدم لياقتهم كالنساء والصبيان والرجال العجزين وجمع المذكر للتغليب واقتصر ابن عباس على الأخير وتفسير الخالف بالمتخلف هو المأثور عن أكثر المفسرين السلف وقيل : أنه من خلف بمعنى فسد ومنه خلوف فم الصائم لتغيير رائحته والظرف متعلق بما عنده أو بمحذوف وقع حالا من ضمير الجمع والفاء لتفريع الأمر بالقعود بطريقة العقوبة على ما صدر منهم من الرضا بالقعود أي إذا رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا من بعد .
وقرأ عكرمة الخلفين بوزن حذرين ولعله صفة مشبهة مثله وقيل : هو مقصور من الخالفين إذ لم يثبت إستعماله كذلك على أنه صفة مشبهة ولا تصل على أحد منهم مات أبدا إشارة إلى إهانتهم بعد الموت .
أخرج البخاري عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال : لما توفي عبدالله بن أبي ابن سلول جاء ابنه عبدالله بن عبدالله إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فسأله أن يعطيه قميصه يكفن فيه أباه فأعطاه ثم سأله أن يصلي عليه