هم الذين رهنت قلوبهم بلذة محبة الله تعالى وبقيت نفوسهم في المجاهدة في طريقه سبحانه لم يبلغوا بالكلية إلى الشهود فتارة تراهم في لجج بحر الإرادة وأخرى في سواحل بحر القرب وطورا هدف سهام القهر ومرة مشرق أنوار اللطف ولا يصلون إلى الحقيقة ما دام عليهم بقية من المجاهدة والمكاتب عبد ما بقي عليه درهم والأحرار ما وراء ذلك وقليل ما هم أتمنى على الزمان محالا أن ترى مقلتاي طلعة حر والغارمين هم الذين ما قضوا حقوق معارفهم في العبودية وما أدركوا في إيقانهم حقائق الربوبية والمعرفة غريم لا يقضى دينه وفي سبيل الله هم المحاربون نفوسهم بالمجاهدات والمرابطون بقلوبهم في شهود الغيب لكشف المشاهدات وابن السبيل هم المسافرون بقلوبهم في بوادي الأزل وبأرواحهم في قفار الأبد وبعقولهم في طريق الآيات وبنفوسهم في طلب أهل الولايات فريضة من الله على أهل الإيمان أن يعطوا هؤلاء الأصناف من مال الله سبحانه لدفع احتياجهم الطبيعي والله عليم بأحوال هؤلاء وغيبتهم عن الدنيا حكيم حيث أوجب لهم ما أوجب ومن الناس من فسر هذه الأصناف بغير ما ذكر ولا أرى التفاسير بأسرها متكفلة بالجمع والمنع ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن عابوه E وحاشاه من العيب بسلامة القلب وسرعة القبول والتصديق لما يسمع فصدقهم جل شأنه ورد عليهم بقوله سبحانه : قل هو أذن خير لكم أي هو كذلك لكن بالنسبة إلى الخير وهذا من غاية المدح فإن النفس القدسية الخيرية تتأثر بما يناسبها أي أنه E يسمع ما ينفعكم وما فيه صلاحكم دون غيره ثم بين ذلك بقوله تعالى : يؤمن بالله الخ وقد غرهم قاتلهم الله تعالى حتى قالوا ما قالوا كرم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم حيث لم يشافههم برد ما يقولون رحمة منه بهم وهو E الرحمة الواسعة وعن بعضهم أنه سئل عن العاقل فقال : الفطن المتغافل وأنشد : وإذا الكريم أتيته بخديعة فرأيته فيما تروم يسارع فاعلم أنك لم تخادع جاهلا إن الكريم لفضله متخادع المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض أي هم متشابهون في القبح والرداءة وسوء الإستعداد يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم أي ببخلون أو يبغضون المؤمنين فهو إشارة إلى معنى قوله سبحانه : وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ أو لا ينصرون المؤمنين أو لا يخشعون لربهم ويرفعون أيديهم في الدعوات نسوا الله لإحتجابهم بما هم فيه فنسيهم من رحمته وفضله ولهم عذاب مقيم وهو عذاب الإحتجاب بالسوي وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار هي جنات النفوس ومساكن طيبة مقامات أرباب التوكل في جنات الأفعال ورضوان من الله أكبر إشارة إلى جنات الصفات ذلك أي الرضوان هو الفوز العظيم لكرامة أهله عند الله تعالى وشدة قربهم ولا بأس بإبقاء الكلام على ظاهره ويكون في قوله سبحانه : ومساكن طيبة إشارة إلى الرؤية فإن المحب لا تطيب له الدار من غير رؤية محبوبه : أجيراننا ما أوحش الدار بعدكم إذا غبتم عنها ونحن حضور ولكون الرضوان هو المدار لكل خير وسعادة والمناط لكل شرف وسيادة كان أكبر من