بالنار يوم الظلة أو بالصيحة والرجفة أو بالنار والرجفة على إختلاف الروايات والمؤتفكات جمع مؤتفكة من الإئتفاك وهو الإنقلاب بجعل أعلى الشيء أسفل بالخسف والمراد بها إما قريات قوم لوط عليه السلام فالإئتفاك على حقيقته فإنها انقلبت بهم وصار عاليها سافلها وأمطر على من فيها حجارة من سجيل وإما قريات المكذبين المتمردين مطلقا فالإئتفاك مجاز عن إنقلاب حالها من الخير إلى الشر على طريق الإستعارة كقول ابن الرومي : وما الخسف أن تلقى أسافل بلدة أعاليها بل أن تسود الأراذل لأنها لم يصبها كلها الإئتفاك الحقيقي أتتهم رسلهم بالبينات إستئناف لبيان نبئهم وضمير الجمع للجميع لا للمؤتفكات فقط فما كان الله ليظلمهم أي فكذبوهم فأهلكهم الله تعالى فما كان الخ فالفاء للعطف على ذلك المقدر الذي ينسحب عليه الكلام ويستدعيه النظام أي لم يكن من عادته سبحانه ما يشبه ظلم الناس كالعقوبة بلا جرم وقد يحمل على إستمرار النفي أي لا يصدر منه سبحانه ذلك أصلا بل هو أبلغ كما لا يخفى وقول الزمخشري : أي فما صح منه أن يظلمهم وهو حكيم لا يجوز عليه القبيح مبني على الإعتزال .
ولكن كانوا أنفسهم يظلمون .
7 .
- حيث عرضوها بمقتضى استعدادهم للعقاب بالكفر والتكذيب والجمع بين صيغتي الماضي والمستقبل للدلالة على الإستمرار وتقديم المفعول على ما قرره بعض الأفاضل لمجرد الإهتمام به مع مراعاة الفاصلة من غير قصد إلى قصر المظلومية عليهم على رأي من لا يرى التقديم موجبا للقصر كابن الأثير فيما قيل والمؤمنون والمؤمنات بيان لحسن حال المؤمنين والمؤمنات حالا ومآلا بعد بيان حال أضدادهم عاجلا وآجلا وقوله سبحانه : بعضهم أولياء بعض يقابل قوله تعالى فيما مر : بعضهم من بعض وتغيير الأسلوب للإشارة إلى تناصرهم وتعاضدهم بخلاف أولئك وقوله D : يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ظاهر المقابلة ليأمرون بالمنكر الخ الكلام في المنكر والمعروف معروف وقوله جل وعلا : ويقيمون الصلاة في مقابلة نسوا الله وقوله تعالى جده : ويؤتون الزكاة في مقابلة يقبضون أيديهم وقوله تبارك وتعالى : ويطيعون الله ورسوله أي في سائر الأمور في مقابلة وصف المنافقين بكمال الفسق والخروج عن الطاعة وقيل : هو في مقابلة نسوا الله وقوله سبحانه : ويقيمون الصلاة زيادة مدح وقوله تعالى شأنه : أولئك سيرحمهم الله في مقابلة فنسيهم المفسر بمنع لطفه ورحمته سبحانه وقيل : في مقابلة أولئك هم الفاسقون لأنه بمعنى المتقين المرحومين والإشارة إلى المؤمنين والمؤمنات باعتبار اتصافهم بما سلف من الصفات الجليلة والاتيان بما يدل على البعد لما مر غير مرة .
والسين على ما قال الزمخشري وتبعه غير واحد لتأكيد الوعد وهي كما تفيد ذلك تفيد تأكيد الوعيد ونظر فيه صاحب التقريب ووجه ذلك بأن السين في الإثبات في مقابلة لن في النفي فتكون بهذا الإعتبار تأكيدا لما دخلت عليه ولا فرق في ذلك بين أن يكون وعدا أو وعيدا أو غيرهما وقال العلامة ابن حجر : ما زعمه الزمخشري من أن السين تفيد القطع بمدخولها مردود بإن القطع إنما فهم من المقام لا من الوضع وهو توطئة