من الأفعال على أن الفاعل هو الله تعالى أي يخلق فيهم الضلال عند مباشرتهم لمباديه وأسبابه وهو المعنى على قراءة الأولى أيضا وقيل الفاعل في القراءتين الشيطان وجوز على القراءة الثانية أن يكون الموصول فاعلا والمفعول محذوف أي أتباعهم وقيل : الفاعل الرؤساء والمفعول الموصول وقريء يضل بفتح الياء والضاد من ضلل يضلل و نضل بنون العظمة يحلونه أي الشهر المؤخر وقيل : الضمير للنسيء على أنه فعيل بمعنى مفعول عاما من الأعوام ويحرمون مكانه شهرا آخر مما ليس بحرام ويحرمونه أي يحافظون على حرمته كما كانت والتعبير عن ذلك بالتحريم باعتبار إحلالهم في العام الماضي أو لإسنادهم له إلى آلهتهم كما سيجيء إن شاء الله تعالى عاما آخر إذا لم يتعلق بتغييره غرض من أغراضهم قال الكلبي : أول من فعل ذلك رجل من كنانة يقال له نعيم بن ثعلبة وكان إذا هم الناس بالصدور من الموسم يقوم فيخطب ويقول لا مرة لما قضيت أنا الذي لا أعاب ولا أخاب فيقول له المشركون : لبيك ثم يسألونه أن ينسئهم شهرا يغزون فيه فيقول : إن صفر العام حرام فإذا قال ذلك حلوا الأوتار ونزعوا الأسنة والأزجة وإن قال حلال عقدوا الأوتار وركبوا الأزجة وأغاروا وعن الضحاك أنه جنادة بن عوف الكناني وكان مطاعا في الجاهلية وكان يقوم على جمل في الموسم فينادي بأعلى صوته إن آلهتكم قد أحلت لكم المحرم فأحلوه ثم يقوم في العام القابل فيقول : إن آلهتكم قد حرمت عليكم المحرم فحرموه وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : كانت النساءة حيي من بني مالك بن كنانة وكان آخرهم رجلا يقال له القلمس وهو الذي أنسأ المحرم وكان ملكا في قومه وأنشد شاعرهم .
ومنا ناسيء الشهر القلمس .
وقال الكميت : ونحن الناسئون على معد شهور الحل نجعلها حراما وفي رواية أخرى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن أول من سن النسيء عمرو بن لحى بن قمعة ابن خندف والجملتان تفسير للضلال فلا محل لهما من الإعراب وجوز أن تكونا في محل نصب على أنهما حال من الموصول والعامل عامله ليواطئوا أي ليوافقوا وقرأ الزهري ليوطئوا بالتشديد عدة ما حرم الله من الأشهر الأربعة واللام متعلقة بيحرمونه أي يحرمونه لأجل موافقة ذلك أو بما دل عليه مجموع الفعلين أي فعلوا ما فعلوا لأجل الموافقة وجعله بعضهم من التنازع فيحلوا ما حرم الله بخصوصه من الأشهر المعينة والحاصل أنه كان الواجب عليهم العدة والتخصيص فحيث تركوا التخصيص فقد إستحلوا ما حرم الله تعالى زين لهم سوء أعمالهم وقريء على البناء للفاعل وهو الله تعالى أي جعل أعمالهم مشتهاة للطبع محبوبة للنفس وقيل : خذلهم حتى رأوا حسنا ما ليس بالحسن وقيل : المزين هو الشيطان وذلك بالوسوسة والإغواء بالمقدمات الشعرية والله لا يهدي القوم الكافرين .
73 .
- هداية موصلة للمطلوب البتة وإنما يهديهم إلى ما يوصل إليه عند سلوكه وهم قد صدوا عنه بسوء اختيارهم فتاهوا فيه تيه الضلال والمراد من الكافرين إما المتقدمون ففيه وضع الظاهر موضع الضمير أو الأعم ويدخلون فيه دخولا أوليا يا أيها الذين ءامنوا عود إلى ترغيب المؤمنين وحثهم على المقاتلة بعد ذكر طرف من فضائح أعدائهم مالكم إستفهام فيه معنى الإنكار والتوبيخ إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله أي اخرجوا للجهاد وأصل النفر على ما قيل الخروج