وذلك بأن يعطوها قائمين والقابض منهم قاعد قاله عكرمة وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما تؤخذ الجزية من الذمي ويوجأ عنقه وفي رواية أنه يؤخذ بتلبيبه ويهز هزا ويقال : أعط الجزية يا ذمي وقيل : هو أن يؤخذ بلحيته وتضرب لهزمته ويقال : أد حق الله تعالى يا عدو الله ونقل عن الشافعي أن الصغار هو جريان أحكام المسلمين عليهم وكل الأقوال لم نر اليوم لها أثرا لأن أهل الذمة فيه قد امتازوا على المسلمين والأمر لله D بكثير حتى إنه قبل منهم إرسال الجزية على يد نائب منهم وأصح الروايات أنه لا يقبل ذلك منهم بل يكلفون أن يأتوا بها بأنفسهم مشاة غير راكبين وكل ذلك من ضعف الإسلام عامل الله تعالى من كان سببا له بعدله وهي تؤخذ عند أبي حنيفة من أهل الكتاب مطلقا ومن مشركي العجم والمجوس لا من مشركي العرب لأن كفرهم قد تغلظ لما أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم نشأ بين أظهرهم وأرسل إليهم وهو E من أنفسهم ونزل القرآن بلغتهم وذلك من أقوى البواعث على إيمانهم فلا يقبل منهم إلا السيف أو الإسلام زيادة في العقوبة عليهم مع اتباع الوارد في ذلك فلا يرد أن أهل الكتاب قد تغلظ كفرهم أيضا لأنهم عرفوا النبي صلى الله تعالى عليه وسلم معرفة تامة ومع ذلك أنكروه وغيروا اسمه ونعته من الكتاب وعند أبي يوسف لا تؤخذ من العربي كتابيا كان أو مشركا وتؤخذ من العجمي كتابيا كان أو مشركا وأخذها من المجوس إنما ثبت بالسنة فقد صح أن عمر رضي الله تعالى عنه لم يأخذها منهم حتى شهد عبدالرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أخذها من مجوس هجر وقال الشافعي : رضي الله تعالى عنه إنها تؤخذ من أهل الكتاب عربيا كان أو أعجميا ولا تؤخذ من أهل الأوثان مطلقا لثبوتها في أهل الكتاب وفي المجوس بالخبر فبقى من وراءهم على الأصل .
ولنا أنه يجوز استرقاقهم وكل من يجوز استرقاقه يجوز ضرب الجزية عليه إذا كان من أهل النصرة لأن كل واحد منهما يشتمل على سلب النفس أما الإسترقاق فظاهر لأن نفع الرقيق يعود إلينا جملة وأما الجزية فلأن الكافر يؤديها من كسبه والحال أن نفقته في كسبه فكان أداء كسبه الذي هو سبب حياته إلى المسلمين راتبة في معنى أخذ النفس منه حكما وذهب مالك والأوزاعي إلى أنها تؤخذ من جميع الكفار ولا تؤخذ عندنا من امرأة ولا صبي ولا زمن ولا أعمى وكذلك المفلوج والشيخ وعن أبي يوسف إنها تؤخذ منه إذا كان له مال ولا من فقير غير معتمل خلافا للشافعي ولا من مملوك ومكاتب ومدبر ولا تؤخذ من الراهبين الذين لا يخالطون الناس كما ذكره بعض أصحابنا وذكر محمد عن أبي حنيفة انها تؤخذ منهم إذا كانوا يقدرون على العمل وهو قول أبي يوسف .
ثم إنها على ضربين جزية توضع بالتراضي والصلح فتقدر بحسب ما يقع عليه الإتفاق كما صالح صلى الله تعالى عليه وسلم بني نجران على ألف ومائتي حلة ولأن الموجب التراضي فلا يجوز التعدي إلى غير ما وقع عليه .
وجزية يبتديء الإمام بوضعها إذا غلب على الكفار وأقرهم على أملاكهم فيضع على الغني الظاهر الغني في كل سنة ثمانية وأربعين درهما يؤخذ في كل شهر منه أربعة دراهم وعلى الوسط الحال أربعة وعشرين في كل شهر درهمين وعلى الفقير المعتمل وهو الذي يقدر على العمل وإن لم يحسن حرفة اثني عشر درهما في كل شهر درهما والظاهر أن مرجع الغنى وغيره إلى عرف البلد .
وبذلك صرح به الفقيه أبو جعفر وإلى ما ذهبنا إليه من اختلافها غنى وفقرا وتوسطا ذهب عمر وعلي وعثمان رضي الله تعالى عنهم ونقل عن الشافعي أن الإمام يضع على كل حالم دينارا أو ما يعدله والغني والفقير في ذلك سواء لما أخرجه ابن أبي شيبة عن مسروق أنه صلى الله تعالى عليه وسلم لما بعث معاذا إلى