إستعارة للدائم خالدين فيها أي الجنات أبدا تأكيد لما يدل عليه الخلود ودفع إحتمال أن يراد منه المكث الطويل إن الله عنده أجر عظيم .
22 .
- لا قدر بالنسبة إليه لأجور الدنيا أو للأعمال التي في مقابلته والجملة إستئناف وقع تعليلا لما سبق وذكر أبو حيان أنه تعالى لما وصف المؤمنين بثلاث صفات الإيمان والهجرة والجهاد بالنفس والمال قابلهم على ذلك بالتبشير بثلاث الرحمة والرضوان والجنة وبدأ سبحانه بالرحمة في مقابلة الإيمان لتوقفها عليه ولأنها أعم النعم وأسبقها كما أن الإيمان هو السابق وثنى تعالى بالرضوان الذي هو نهاية الإحسان في مقابلة الجهاد الذي فيه بذل الأنفس والأموال وثلث D بالجنان في مقابلة الهجرة وترك الأوطان إشارة إلى أنهم لما آثروا تركها بدلهم بدار الكفر الجنان الدار التي هي في جواره .
وفي الحديث الصحيح يقول الله سبحانه : ياأهل الجنة هل رضيتم فيقولون كيف لا نرضى وقد باعدتنا عن نارك وأدخلتنا جنتك فيقول سبحانه : لكم عندي أفضل من ذلك فيقولون : وما أفضل من ذلك فيقول جل شأنه : أحل لكم رضائي فلا أسخط عليكم بعده أبدا ولا يخفى أن وصف الجنات بأن لهم فيها نعيم مقيم على هذا التوزيع في غاية اللطافة لما أن في الهجرة السفر الذي هو قطعة من العذاب .
يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا ءاباءكم وإخوانكم أولياء نهي لكل فرد من أفراد المخاطبين عن موالاة فرد من المشركين لا عن مولاة طائفة منهم فإن ذلك مفهوم من النظم الكريم دلالة لا عبارة والآية على ما روى الثعلبي عن ابن عباس نزلت في المهاجرين فانهم لما أمروا بالهجرة قالوا : إن هاجرنا قطعنا آباءنا وأبناءنا وعشيرتنا وذهبت تجارتنا وهلكت أموالنا وخربت ديارنا وبقينا ضائعين فنزلت فهاجروا فجعل الرجل يأتيه ابنه أو أبوه أو أخوه أو بعض أقاربه فلا يلتفت إليه ولا ينزله ولا ينفق عليه ثم رخص لهم في ذلك وروي عن مقاتل أنها نزلت في التسعة الذين ارتدوا ولحقوا مكة نهيا عن موالاتهم وروي عن أبي جعفر وأبي عبدالله رضي الله تعالى عنهما أنها نزلت في حاطب بن أبي بلتعة حين كتب إلى قريش يخبرهم بخبر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لما عزم على فتح مكة وهذا ونحوه يقتضي أن هذه الآية نزلت قبل الفتح واستشكل ذلك الإمام الرازي بأن الصحيح أن هذه السورة إنما نزلت بعد فتح مكة فكيف يمكن أن يكون سبب النزول ما ذكر وأجيب بأن نزولها قبل الفتح لا ينافي كون نزول السورة بعده لأن المراد معظمها وصدرها وعلى القول بأنها نزلت في حاطب فالمعتبر عموم اللفظ لا خصوص السبب ويدخل حاطب في النهي عن الإتخاذ بلا شبهة إن استحبوا أي إختاروا الكفر على الإيمان وأصروا عليه إصرارا لا يرجى معه إقلاع أصلا ولتضمن استحب معنى ما ذكر تعدى بعلى وتعليق النهي عن الإتخاذ بذلك لما أنه قبل ذلك ربما يؤدي بهم إلى الإسلام بسبب شعورهم بمحاسن الدين ومن يتولهم أي واحدا منهم والضمير في الفعل لمراعاة لفظ الموصول وللإيذان باستقلال كل واحد منهم بالإتصاف بالظلم الآتي لأن المراد تولي فرد واحد منهم و من في قوله سبحانه : منكم للجنس لا للتبعيض فأولئك أي المتولون هم الظالمون .
32 .
- بوضعهم الموالاة في غير موضعها فالظلم بمعناه اللغوي وقد يراد به التجاوز والتعدي عما حد الله تعالى إن كان المراد ومن يتولهم بعد النهي : والحصر ادعائي كأن ظلم غيرهم كلا ظلم عند ظلمهم