على أن لا يعاونوا عليكم فعاونوا حلفاؤهم بني بكر على حلفاء رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم خزاعة والمراد بهم قريش وهموا بإخراج الرسول من مكة مسقط رأسه E حين تشاوروا بدار الندوة حسبما ذكر في قوله تعالى : وأذ يمكر بك الذين كفروا وقال الجبائي : هم اليهود الذين نقضوا العهد وخرجوا مع الأحزاب وهموا باخراج الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم من المدينة ولا يخفى أنه يأباه السياق وعدم القرينة عليه والأول هو المروي عن مجاهد والسدي وغيرهما واعترض بأن ما وقع في دار الندوة هو الهم بالإخراج أو الحبس أو القتل والذي استقر رأيهم عليه هو القتل لا الإخراج فما وجه التخصيص وأجيب بأن التخصيص لأنه الذي وقع في الخارج ما يضاهيه مما ترتب على همهم وإن لم يكن بفعل منهم بل من الله تعالى لحكمة وما عداه لغو فخص بالذكر لأنه المقتضى للتحريض لا غيره مما لم يظهر له أثر .
وقيل : إنه سبحانه اقتصر على الأدنى ليعلم غيره بطريق أولى ولا يرد عليه أنه ليس بأدنى من الحبس كما توهم لأن بقاؤه E في يد عدوه المقتضى للتبريح بالتهديد ونحوه أشد منه بلا شبهة وهم بدءوكم بالمقاتلة أول مرة وذلك يوم بدر وقد قالوا بعد أن بلغهم سلامة العير : لا ننصرف حتى نستأصل محمدا صلى الله تعالى عليه وسلم ومن معه وقال الزجاج : بدأوا بقتال خزاعة حلفاء النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وإليه ذهب الأكثرون واختار جمع الأول لسلامته من التكرار وقد ذكر سبحانه ثلاثة أمور كل منها يوجب مقاتلتهم لو انفرد فكيف بها حال الإجتماع ففي ذلك من الحث على القتال ما فيه ثم زاد ذلك بقوله سبحانه : أتخشونهم وقد أقيم فيه السبب والعلة مقام المسبب والمعلول والمراد أتتركون قتالهم خشية أن ينالكم مكروه منهم فالله أحق أن تخشوه بمخالفة أمره وترك قتال عدوه والاسم الجليل مبتدأ و أحق خبره و أن تخشوه بدل من الجلالة بدل إشتمال أو بتقدير حرف جر أي بأن تخشوه فمحله النصب أو الجر بعد الحذف على الخلاف وقيل : إن أن تخشوه مبتدأ خبره أحق والجملة خبر الاسم الجليل أي خشية الله تعالى أحق أو الله أحق من غيره بالخشية أو الله خشيته أحق وخير الأمور عندي أوسطها إن كنتم مؤمنين .
31 .
- فإن مقتضى إيمان المؤمن الذي يتحقق أنه لا ضار ولا نافع إلا الله تعالى ولا يقدر أحد على مضرة ونفع إلا بمشيئته أن لا يخاف إلا من الله تعالى ومن خاف الله تعالى خاف منه كل شيء وفي هذا من التشديد ما لا يخفى قاتلوهم تجريد للامر بالقتال بعد بيان موجبه على أتم وجه والتوبيخ على تركه ووعد بنصرهم وبتعذيب أعدائهم واخزائهم وتشجيع لهم يعذبهم الله بأيديكم بالقتل ويخزهم ويذلهم بالأسر وقد يقال : يعذبهم قتلا وأسرا ويذلهم بذلك وينصركم عليهم أي يجعلكم جميعا غالبين عليهم أجمعين ولذلك أخر كما قال بعض المحققين عن التعذيب والإخزاء ويشف صدور قوم مؤمنين .
41 .
- قد تألموا من جهتهم والمراد بهم أناس من خزاعة حلفائه E كما قال عكرمة وغيره وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنهم بطون من اليمن وسبأ قدموا مكة وأسلموا فلقوا من أهلها أذى كثيرا فبعثوا إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يشكون إليه فقال E : أبشروا فإن الفرج قريب