وليس بذلك فإن تبتم من الكفر والغدر بنقض العهد فهو أي التوب خير لكم في الدارين والالتفاف من الغيبة إلى الخطاب لزيادة التهديد والتشديد والفاء الأولى لترتيب مقدم الشرطية على الأذان المذيل بالوعيد الشديد المؤذن بلين عريكتهم وانكسار شدة شكيمتهم وإن توليتم عن التوبة أو ثبتم على التولي عن الإسلام والوفاء فاعلموا أنكم غير معجزي الله غير سابقيه سبحانه ولا فائتيه وبشر الذين كفروا بعذاب أليم .
3 .
- أي في الآخرة على ما هو الظاهر .
ومن هنا قيد بعضهم غير معجزي الله بقوله في الدنيا والتعبير بالبشارة للتهكم مصرف الخطاب عنهم إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قيل : لأن البشارة إنما تليق بمن يقف على الاسرار الالهية وقد يقال : لا يبعد كون الخطاب لكل من له حظ فيه وفيه من المبالغة ما لا يخفى إلا الذين عاهدتم من المشركين استثناء على ما في الكشاف من المقدر في قوله : فسيحوا في الأرض الخ لأن الكلام خطاب مع المسلمين على أن المعنى براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فقولوا لهم سيحوا إلا الذين عاهدتم منهم ثم لم ينقصوكم فأتموا إليهم عهدهم وهو بمعنى الاستدراك كأنه قيل : فلا تمهلوا الناكثين غير أربعة أشهر ولكن الذين لم ينكثوا فأتموا اليهم عهدهم ولا تجروهم مجرى الناكثين واعترض بأنه كيف يصح الاستثناء وقد تخلل بين المستثنى والمستثنى منه جملة أجنبية أعني قوله سبحانه : وأذان من الله فإنه كما قرر عطف على براءة وأجيب بأن تلك الجملة ليست أجنبية من كل وجه لأنها في معنى الأمر بالاعلام كأنه قيل : فقولوا لهم سيحوا واعلموا أن الله بريء منهم لكن الذين عاهدتم الخ وجعله بعضهم استدراكا من النبذ السابق الذي أخر فيه القتال أربعة أشهر والمآل واحد وقيل : هو استثناء من المشركين الأول واليه ذهب الفراء ورد بأن بقاء التعميم في قوله تعالى : إن الله بريءمن المشركين ينافيه وقيل : هو استثناء من المشركين الثاني ورد بأن بقاء التعميم في الأول ينافيه والقول بالرجوع اليهما والمستثنى منهما في الجملتين ليستا على نسق واحد لا يحسن وجعل الثاني معهودا وهم المشركون المستثنى منهم هؤلاء فقيل مجيءالاستثناء يبعد ارتكابه في النظم المعجز وقوله سبحانه : فأتموا إليهم حينئذ لا بد من أن يجعل جزاء شرط محذوف وهو أيضا خلاف الظاهر والظاهر الخبرية والفاء لتضمن المبتدأ معنى الشرط وكون المراد به أناسا بأعيانهم فلا يكون عاما فيشبه الشرط فتدخل الفاء في خبره على تقدير تسليمه غير مضر فقد ذهب الاخفش إلى زيادة الفاء في خبر الموصول من غير اشتراط العموم واستدل القطب لما في الكشاف بأن ههنا جملتين يمكن أن يعلق بهما الاستثناء جملة البراءة وجملة الامهال لكن تعليق الاستثناء بجملة البراءة يستلزم أن لا براءة عن بعض المشركين فتعين تعلقه بجملة الامهال أربعة أشهر وفيه غفلة عن أن المراد البراءة عن عهود المشركين لا عن أنفسهم ولا كلام في أن المعاهدين الغير الناكثين ليس الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلّم بريئين من عهودهم وإن برئا عن أنفسهم بضرب من التأويل فافهم وقال ابن المنير : يجوز أن يكون قوله سبحانه : فسيحوا خطابا للمشركين غير مضمر قبله القول ويكون الاستثناء على هذا من قوله تعالى : إلى الذين عاهدتم كأنه قيل : براءة من الله تعالى ورسوله إلى المعاهدين إلا الباقين على العهد فأتموا إاليهم أيها المسلمون عهدهم ويكون فيه خروج من خطاب المسلمين في إلا الذين عاهدتم إلى خطاب المشركين في فسيحوا ثم التفات من التكلم إلى الغيبة في واعلموا