صلى الله تعالى عليه وسلم يكره الشكال من الخيل واختلف في تفسيره ففي النهاية الشكال في الخيل أن تكون ثلاث قوائم محجلة وواحدة مطلقة تشبيها بالشكال الذي يشكل به الخيل لأنه يكون في ثلاث قوائم غالبا وقيل : هو أن تكون الواحدة محجلة والثلاث مطلقة وقيل : هو أن تكون إحدى يديه وإحدى رجليه من خلاف محجلتين وإنما كرهه E تفاؤلا لأنه كالمشكول صورة ويمكن أن يكون جرب ذلك الجنس فلم يكن فيه نجابة وقيل : إذا كان مع ذلك أغر زالت الكراهة لزوال شبه الشكال انتهى .
ولا يخفى عليك أن حديث الشعبي يشكل على القول الأول إلا أن يقال : إنه يخصص عمومه وأن حديث التفاؤل غير ظاهر والظاهر التشاؤم وقد جاء إنما الشؤم في ثلاث في الفرس والمرأة والدار وحمله الطيبي على الكراهة التي سببها ما في هذه الأشياء من مخالفة الشرع أو الطبع كما قيل شؤم الدار ضيقها وسوء جيرانها وشؤم المرأة عقمها وسلاطة لسانها وشؤم الفرس أن لا يغزى عليها لكن قال جلال السيوطي في فتح المطلب المبرور : إن حديث التشاؤم بالمرأة والدار والفرس قد إختلف العلماء فيه هل هو على ظاهره أو مؤول والمختار أنه على ظاهره وهو ظاهر قول مالك انتهى ولا يعارضه ما صح عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال : ذكر الشؤم عند النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فقال E : إن كان الشؤم في شيء ففي الدار والمرأة والفرس فإنه ليس نصافي إستثناء نقيض المقدم وأن حمله عياض على ذلك لإحتمال أن يكون على حد قوله صلى الله تعالى عليه وسلم : قد كان فيمن قبلكم من الأمم محدثون فإن يكن في أمتي منهم أحد فإنه عمر بن الخطاب وقد ذكروا هناك أن التعليق للدلالة على التأكيد والإختصاص ونظيره في ذلك إن كان لي صديق فهو زيد فإن قائله لا يريد به الشك في صداقة زيد بل المبالغة في أن الصداقة مختصة به لا تتخطاه إلى غيره ولا مخطور في إعتقاد ذلك بعد إعتقاد أن المذكورات أمارات وأن الفاعل هو الله تبارك وتعالى وقرأ الحسن ومن ربط الخيل بضم الباء وسكونها جمع رباط وعطف ما ذكر على القوة بناء على المعنى الأول لها للإيذان بفضلها على سائر أفرادها كعطف جبريل وميكال على الملائكة عليهم السلام ترهبون به أي تخوفون به وعن الراغب أن الرهبة والرهب مخافة مع تحرز واضطراب وعن بعقوب أنه قرأ ترهبون بالتشديد .
وقرأ ابن عباس ومجاهد تخزون والضمير المجرور لما استطعتم أو للإعداد وهو الأنسب والجملة في محل النصب على الحالية من فاعل أعدوا أي أعدوا مرهبين به أو من الموصول كما قال أبو البقاء أو من عائده المحذوف أي أعدوا ما إستطعتموه مرهبا به وفي الآية إشارة إلى عدم تعين القتال لأنه قد يكون لضرب الجزية ونحوه مما يترتب على إرهاب المسلمين بذلك عدو الله المخالفين لأمره سبحانه وعدوكم المتربصين بكم الدوائر والمراد بهم على ما ذكره جمع من أهل مكة وهم في الغاية القصوى من العداوة وقيل : المراد هم وسائر كفار العرب وآخرين من دونهم أي من غيرهم من الكفرة وقال مجاهد : هم بنو قريظة وقال مقاتل وابن زيد : هم المنافقون وقال السدي : هم أهل فارس .
وأخرج الطبراني وابو الشيخ وابن المنذر وابن مردويه وابن عساكر وجماعة عن يزيد بن عبدالله بن غريب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال : هم الجن ولا يخيل الشيطان إنسانا في داره