وروي الأول عن الحسن واختاره البلخي والجاحظ وقوله سبحانه : والله شديد العقاب .
84 .
- يحتمل أن يكون من كلام اللعين وإن يكون مستأنفا من جهته سبحانه وتعالى وادعى بعضهم أن الأول هو الظاهر إذ على إحتمال كونه مستأنفا يكون تقريرا لمعذرته ولا يقتضيه المقام فيكون فضلة من الكلام وتعقب بأنه بيان لسبب خوفه حيث أنه يعلم ذلك فافهم إذ يقول المنافقون ظرف لزين أو نكص أو شديد العقاب وجوز أبو البقاء أيضا أن يقدر اذكروا والذين في قلوبهم مرض أي الذين لم تطمئن قلوبهم بالإيمان بعد وبقى فيها شبهة قيل : وهم فتية من قريش أسلموا بمكة وحبسهم آباؤهم حتى خرجوا معهم إلى بدر منهم قيس بن الوليد ابن المغيرة والعاص بن منبه بن الحجاج والحرث بن زمعة وأبو قيس بن الفاكة فالمرض على هذا مجاز عن الشبهة .
وقيل : المراد بهم المنافقون سواء جعل العطف تفسيرا أو فسر مرض القلوب بالأحن والعداوات والشك مما هو غير النفاق والمعنى إذ يقول الجامعون بين النفاق ومرض القلوب وقيل : يجوز أن يكون الموصول صفة المنافقين وتوسطت الواو لتأكيد لصوق الصفة بالموصوف لأن هذه صفة للمنافقين ولا تنفك عنهم أو تكون الواو داخلة بين المفسر والمفسر نحو أعجبني زيد وكرمه وزعم بعضهم أن ذلك وهم وهو من التحامل بمكان إذ لا مانع من ذلك صناعة ولا معنى والقول بأن وجه الوهم فيه أن المنافقين جار على موصوف مقدر أي القوم المنافقون فلا يوصف ليس بوجيه إذ للقائل أن يقول : إنه أجرى المنافقون هنا مجرى الأسماء مع أن الصفة لا مانع من أن توصف وقيام العرض بالعرض دون إثبات امتناعه خرط القتاد ومن فسر الذين في قلوبهم مرض بأولئك الفئة الذين أسلموا بمكة قال : إنهم لما رأوا قلة المسلمين قالوا : غر هؤلاء يعنون المؤمنين الذين مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم دينهم حتى تعرضوا لمن لا يدى لهم به فخرجوا وهم ثلثمائة وبضعة عشر إلى زهاء الألف وعلى إحتمال جعله صفة للمنافقين يشعر كلام البعض أن القول لم يكن عند التلاقي فقد روي عن الحسن أن هؤلاء المنافقين لم يشهدوا القتال يوم بدر .
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال : هم يومئذ في المسلمين وفي القلب من هذا شيء فإن الذي تشهد الآثار أن أهل بدر كانوا خلاصة المؤمنين ومن يتوكل على الله جواب لهم ورد لمقالتهم فإن الله عزيز غالب لا يذل من توكل عليه ولا يخذل من إستجار به وإن قل حكيم .
94 .
- يفعل بحكمته البالغة ما تستبعده العقول وتحار في فهمه ألباب الفحول وجواب الشرط محذوف لدلالة المذكور عليه أو أنه قائم مقامه ولو ترى خطاب للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم أو لكل أحد ممن له حظ من الخطاب والمضارع هنا بمعنى الماضي لأن لو الإمتناعية ترد المضارع ماضيا كما أن إن ترد الماضي مضارعا أي ولو رأيت إذ يتوفى الذين كفروا الملائكلاة الخ لرأيت أمرا فظيعا ولا بد عند العلامة من حمل معنى المضي هنا على الفرض والتقدير وليس المعنى على حقيقة المضي قيل : والقصد إلى إستمرار إمتناع الرؤية وتجدده وفيه بحث وإذ ظرف لترى والمفعول محذوف أي ولو ترى الكفرة أو حالهم حينئذ و الملائكة فاعل يتوفى وتقديم المفعول للإهتمام به ولم يؤنث الفعل لأن الفاعل غير حقيقي التأنيث وحسن ذلك الفصل