بسباسب الضلال والموحد صدقوا ولكن للكفر والإيمان وقد ذكر مولانا حجة الإسلام الغزالي هذا النوع من الكفرة الفجرة وقال : إن قتل واحد منهم أفضل عند الله تعالى من قتل مائة كافر وكذا تكلم فيهم الشيخ الأكبر قدس سره في الفتوحات بنحو ذلك : إلى الماء يسعى من يغص بلقمة إلى أين يسعى من يغص بماء والزمخشري جعل المتقون أخص من المسلمين على الوجه الأول أيضا وهو أبلغ في نفي الولاية عن المذكورين أي لا يصلح لأن يلي أمر المسجد من ليس بمسلم وإنما يستأهل ولايته من كان برا تقيا فيكف بالكفرة عبدة الأوثان ولكن أكثرهم لا يعلمون .
43 .
- أن لا ولاية لهم عليه وكأنه نبه سبحانه بذكر الأكثر على أن منهم من يعلم ذلك ولكن يجحده عنادا وقد يراد بالأكثر الكل لأن له حكمه في كثير من الأحكام كما أن الأقل قد لا يعتبر فينزل منزلة العدم وما كان صلاتهم عند البيت أي المسجد الحرام الذي صدوا المسلمين عنه والتعبير عنه بالبيت للإختصار مع الإشارة إلى أنه بيت الله تعالى فينبغي أن يعظم بالعبادة وهم لم يفعلوا إلا مكاءا أي صفيرا وهو فعال بضم أوله كسائر أسماء الأصوات فإنها تجيء على فعال إلا ما شذ كالنداء من مكا يمكو إذا صفر وقريء مكا بالقصر كبكى وتصدية أي تصفيقا وهو ضرب اليد باليد بحيث يسمع له صوت ووزنه تفعلة من الصد كما قال أبو عبيدة فحول إحدى الدالين ياء كما في تقضي البازي لتقضضه ومن ذلك قوله تعالى : إذا قومك منه يصدون أي يضجون لمزيد تعجبهم وأنكر عليه وقيل : هو من الصدأ وهو ما يسمع من رجع الصوت عند جبل ونحوه والمراد بالصلاة إما الدعاء أو أفعال أخر كانوا يفعلونها ويسمونها صلاة وحمل المكاء والتصدية عليها على ما يشير إليه كلام الراغب بتأويل ذلك بأنها لا فائدة فيها ولا معنى لها كصفير الطيور وتصفيق اللعب وقد يقال : المراد أنهم وضعوا المكاء والتصدية موضع الصلاة التي تليق أن تقع عند البيت على حد .
تحية بينهم ضرب وجيع .
يروى أنهم كانوا إذا أراد النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أن يصلي يخلطون عليه بالصفير والتصفيق ويرون أنهم يصلون أيضا .
وروي أنهم كانوا يطوفون عراة الرجال والنساء مشبكين بين أصابعهم يصفرون فيها ويصفقون وقال بعض القائلين : أن التصدية بمعنى الصد والمراد صدهم عن القراءة أو عن الدين أو الصد بمعنى الضجة كما نقل عن ابن يعيش في قوله تعالى : إذا قومك منه يصدون والمأثور عن ابن عباس وجمع من السلف ما ذكرناه .
نعم روي عن ابن جبير : تفسير التصدية بصد الناس عن المسجد الحراموفيه بعد وأبعد من ذلك تفسير عكرمة لها بالطواف على الشمال بل لا يكاد يسلم والجملة معطوفة إما على وهم يصدون فتكون لتقرير إستحقاقهم للعذاب ببيان أنهم صدوا ولم يقوموا مقام من صدوه في تعظيم البيت أو على وما كانوا أولياؤه فتكون تقريرا لعدم إستحقاقهم لولايته وقرأ الأعمش صلاتهم بالنصب وهي رواية عن عاصم وأبان وهو حينئذ خبر كان ومكاء بالرفع إسمها وفي ذلك الإخبار عن النكرة بالمعرفة وهو من القلب عند السكاكي وقال ابن جني : لا قلب ثم قال : لسنا ندفع أن جعل إسم كان نكرة وخبرها معرفة قبيح وإنما جاءت منه أبيات شاذة لكن من وراء ذلك ما أذكره وهو أن نكرة الجنس تفيد مفاد معرفته ألا تراك تقول : خرجت فإذا أسد بالباب فتجد معناه فإذا الأسد بالباب ولا فرق بينهما وذلك أنك في الموضعين لا تريد أسدا واحدا معينا