المثبت في الأثناء وعلى الوجهين يظهر بأدنى تأمل وجه تخالف أسلوبي الآيتين حيث لم يقل : وما رميت ولكن الله رمى ليكون على أسلوب فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم ولا فلم تقتلوهم إذ قتلتموهم ولكن الله قتلهم ليكون على أسلوب وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ولا يظهر لي نكتة في هذا التخالف على الوجوه التي ذكرها المعظم وكونها الإشارة إلى أن الرمي لم يكن في تلك الوقعة كالقتل بل كان في حنين دونه على ما فيه مخالف لما صح من أن كلا الأمرين كان في تلك الوقعة كما علمت فتأمل فلمسلك الذهن إتساع : وقريء ولكن الله بالتخفيف ورفع الإسم الجليل في المحلين وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا أي ليعطيهم سبحانه من عنده إعطاء جميلا غير مشوب بالشدائد والمكاره على أن البلاء بمعنى العطاء كما في قول زهير : جزى الله بالإحسان ما فعلا بكم .
فأبلاهما خير البلاء الذي يبلى واختار بعضهم تفسيره بالإبلاء في الحرب بدليل ما بعده يقال : أبلى فلان بلاء حسنا أي قاتل قتالا شديدا وصبر صبرا عظيما سمي به ذلك الفعل لأنه ما يخبر به المرء فتظهر جلادته وحسن أثره واللام إما للتعليل متعلق بمحذوف متأخر فالواو إعتراضية أي وللإحسان إليهم بالنصر والغنيمة فعل ما فعل لا لشيء آخر غير ذلك مما لا يجديهم نفعا وإما برمي فالواو للعطف على علة محذوفة أي ولكن الله رمى ليمحق الكافرين وليبلي الخ وقوله تعالى : إن الله سميع أي لدعائهم وإستغاثتهم أو لكل مسموع ويدخل فيه ما ذكر عليم .
71 .
- أي بنياتهم وأحوالهم الداعية للإجابة أو لكل معلوم ويدخل فيه ما ذكر أيضا تعليل للحكم ذلكم إشارة إلى البلاء الحسن ومحله الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف وقوله سبحانه وتعالى : وأن الله موهن كيد الكافرين .
81 .
- معطوف عليه أي المقصد إبلاء المؤمنين وتوهين كيد الكافرين وإبطال حيلهم وقيل : المشار إليه القتل أو الرمي والمبتدأ الأمر أي الأمر ذلكم أي القتل أو الرمي فيكون قوله تعالى : وأن الله الخ من قبيل عطف البيان وقيل : المشار إليه الجميع بتأويل ما ذكر وجوز جعل إسم إشارة مبتدأ محذوف الخبر وجعله منصوبا بفعل مقدر .
وقرأ ابن كثير ونافع وأبوبكر موهن بالتشديد ونصب كيد وقرأ حفص عن عاصم بالتخفيف والإضافة وقرأ الباقون بالتخفيف والنصب إن تستفتحوا خطاب للمشركين على سبيل التهكم فقد روي أنهم حين أرادوا الخروج تعلقوا بأستار الكعبة وقالوا : اللهم انصر أعلى الجندين وأهدى الفئتين وأكرم الحزبين .
وفي رواية أن أبا جهل قال حين التقى الجمعان : اللهم ربنا ديننا القديم ودين محمد الحديث فأي الدينين كان أحب إليك وأرضى عندك فانصر أهله اليوم والأول مروي عن الكلبي والسدي والمعنى إن تستنصروا لأعلى الجندين وأهداهما فقد جاءكم الفتح حيث نصر أعلاهما وأهداهما وقد زعمتم أنكم الأعلى والأهدى فالتهكم في المجيء أو فقد جاءكم الهلاك والذلة فالتهكم في نفس الفتح حيث وضع موضع ما يقابله وإن تنتهوا عن حراب الرسول E ومعاداته فهو أي الإنتهاء خير لكم من الحراب الذي ذقتم بسببه ما ذقتم من القتل والأسر ومبنى إعتبار أصل الخيرية في المفضل عليه هو التهكم وإن تعودوا أي إلى حرابه E نعد لما شاهدتموه من الفتح ولن تغني أي لن تدفع