على أوصاف مخصوصة وكل أحد لا يتحقق وجود تلك الأوصاف فيه بل يلزمه أن يقول أنا مؤمن إن شاء الله تعالى .
وقرر بعضهم وجه الإستدلال بما يشير إليه ما روي عن الثوري أنه قال : من زعم أنه مؤمن بالله تعالى حقا ثم لم يشهد أنه من أهل الجنة فقد آمن بنصف الآية ولم يؤمن بالنصف الآخر وهذا ظاهر في أن مذهبه الإستثناء وهو كما قال الإمام مذهب ابن مسعود وتبعه جمع عظيم من الصحابة والتابعين وبه قال الشافعي ونسب إلى مالك وأحمد ومنعه الإمام الأعظم رضي الله تعالى عنه وروي عنه أنه قال لقتادة : لم تستثني في إيمانك قال : إتباعا لإبراهيم عليه السلام في قوله تعالى : والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين فقال له : هلا إقتديت به في قوله بلى حين قيل له أولم تؤمن فانقطع قتادة قال الرازي كان لقتادة أن يجيب أبا حنيفة عليهما الرحمة ويقول : قول إبراهيم عليه السلام ولكن ليطمئن قلبي بعد قوله بلى طلب لمزيد الطمأنينة وذلك يدل على جواز الإستثناء .
وفي الكشف أن الحق أن من جوز الإستثناء إنما جوز إذا سئل عن الإيمان مطلقا أما إذا قيل : هل أنت مؤمن بالقدر مثلا فقال : أنا مؤمن إن شاء الله تعالى لا يجوز لا لأن التبرك لا معنى له بل للإبهام فيما ليس له فائدة وأما في الأول فلما كان الإطلاق يدل على الكمال وهو الإيمان المنتفع به في الآخرة علق بالمشيئة تفاؤلا وتيمنا وذلك لأن هذه الكلمة خرجت عن موضوعها الأصلي إلى المعنى الذي ذكر في عرف الإستعمال تراهم يستعملونها في كل ما لهم إهتمام بحصوله شائعا بين العرب والعجم فلا وجه لقول من قال : إن معنى التبرك أنا أشك في إيماني تبركا وذلك لأن المشيئة عنده غير مشكوكة عنده بل هو تعليق بما لا بد منه نظرا إلى أنه السبب الأصلي وأنه تفويض من العبد إلى الله تعالى ومن فوض كفى لا نظرا إلى أن المشيئة غيب غير معلوم فيكون شكا في الإيمان وقد جاء من شك في إيمانه فقد كفر وما أحسن ما نقل عن الحسن أن رجلا سأله أمؤمن أنت فقال : الإيمان إيمانان فإن كنت تسألني عن الإيمان بالله تعالى وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والجنة والنار والبعث والحساب فأنا مؤمن وإن كنت تسألني عن قوله تعالى إنما المؤمنون الخ فوالله لا أدري أمنهم أنا أم لا وهذا ونحوه مما يجعل الخلاف لفظيا وقد صرح بذلك جمع من المحققين عليهم الرحمة .
لهم درجات عند ربهم أي كرامة وعلو مكانة على أن يراد بالدرجات العلو المعنوي وقد يراد بها العلو الحسي وفي الخبر عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنه صلى الله تعالى عليه وسلم قال : في الجنة مائة درجة لو أن العالمين اجتمعوا في إحداهن لوسعتهم وعن الربيع بن أنس سبعون درجة ما بين كل درجتين حضر الفرس المضمر سبعين سنة ووجه الجمع على الوجهين ظاهر والتنوين للتفخيم والظرف إما متعلق بمحذوف وقع صفة لها مؤكدة لما أفاده التنوين أو بما تعلق به الخبر أعنى لهم من الإستقرار .
وجوز أبو البقاء أن يكون العامل فيه درجات لأن المراد بها الأجور وفي إضافته إلى المضاف إلى ضميرهم مزيد تشريف لهم ولطف بهم وإيذان بأن ما وعدهم متيقن الثبوت مأمون الفوات والجملة جوز أن تكون خبرا ثانيا لأؤلئك وأن تكون مبتدأة مبنية على سؤال نشأ من تعدد مناقبهم كأنه قيل : ما لهم بمقابلة هذه الخصال فقيل : لهم درجات ومغفرة عظيمة لما فرط منهم ورزق كريم .
4 .
- وهو ما أعد لهم من نعيم الجنة وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد القرظي قال : إذا سمعت الله تعالى يقول رزق كريم فهو الجنة والكرم كما نقل الواحدي اسم جامع لكل ما يحمد ويستحسن في بابه فلعل وصف الرزق به هنا حقيقة