وهي القلب ليسكن إليها أي ليميل إليها ويطمئن فكانت الروح تشم من القلب نسائم نفحات الألطاف فلما تغشاها أي جامعها وهو إشارة إلى النكاح الروحاني والصوفية يقولون : إنه سائر في جميع الموجودات ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت حملت حملا خفيفا في البداية بظهور أدنى أثر من آثار الصفات البشرية في القلب الروحاني فلما أثقلت كبرت وكثرت آثار الصفات دعوا الله ربهما لأنهما خافا من تبدل الصفات الروحانية النورانية بالصفات النفسانية الظلمانية لئن آتيتنا صالحا للعبودية لنكونن من الشاكرين فلما آتاهما صالحا بحسب الفطرة من القوى جعلا له شركاء فيما آتاهما أي جعل أولادهما لله تعالى شركاء فيما آتى أولادهما فمنهم عبد البطن ومنهم عبد الخميصة ومنهم عبد الدرهم والدينار إن الذين تدعون من دون الله كائنا ما كان عبادا أمثالكم في العجز وعدم التأثير فادعوهم إلى أي أمر كان فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين في نسبة التأثير إليهم ألهم أرجل يمشون بها إستفهام على سبيل الإنكار أي ليس لهم أرجل يمشون بها بل الله D إذ هو الذي يمشيهم وكذا يقال فيما بعد قل ادعوا شركاءكم ثم كيدون إن إستطعتم إن وليي الله حافظي ومتولي أمري الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين أي من قام به في حال الإستقامة وتراهم ينظرون إليك وهم لايبصرون الحق ولا حقيقتك لأنهم عمي القلوب في الحقيقة والضمير للكفار خذ العفو أي السهل الذي يتيسر لهم ولا تكلفهم ما يشق عليهم وأمر بالعرف أي بالوجه الجميل وأعرض عن الجاهلين فلا تكافئهم بجهلهم عن جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه ليس في القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق من هذه الآية قيل وذلك لقوة دلالتها على التوحيد فإن من شاهد مالك النواصي وتصرفه في عباده وكونهم فيما يأتون ويذرون به سبحانه وتعالى لا بأنفسهم لا يشاقهم ولا يداقهم في تكاليفهم ولا يغضب في الأمر والنهي ولا يتشدد ويحلم عنهم وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله بالشهود والحضور فإنك ترى حينئذ أن لا فعل لغيره سبحانه وهذا إشارة إلى ما يعتري الإنسان أحيانا من الغضب وإيماء إلى علاجه بالإستعاذة قال بعضهم : إن الغضب إنما يهيج بالإنسان إذا إستقبح من المغضوب عليه عملا من الأعمال ثم إعتقد في نفسه كونه قادرا وفي المغضوب عليه كونه عاجزا وإذا إنكشف له نور من عالم العقل عرف أن المغضوب عليه إنما أقدم على ذلك العمل لأن الله تعالى خلق فيه داعية وقد سبقت عليه الكلمة الأزلية فلا سبيل له إلى تركه وحينئذ يتغير غضبه وقد ورد من عرف سر الله تعالى في القدر هانت عليه المصائب فالإستعاذة بالله تعالى في المعنى طلب الإلتجاء إليه بإستكشاف ذلك النور إن الذين اتقوا الشرك إذا مسهم طائف من الشيطان لمة منه بنسبة الفعل إلى غيره سبحانه وتعالى تذكروا مقام التوحيد ومشاهدة الأفعال من الله تعالى فإذا هم مبصرون فعالية الله تعالى لا شيطان ولا فاعل غيره سبحانه في نظرهم وإخوانهم أي إخوان الشياطين من المحجوبين يمدونهم الشياطين في الغي وهو نسبة الفعل إلى السوي ثم لا يقصرون عن العناد والمراء والجدل و قالوا لولا إجتبيتها أي جمعتها من تلقاء نفسك قل إنما أتبع ما يوحى إلي من ربي لأني قائم به لا بنفسي وإذا قريء القرآن فاستمعوا له أي القرآن بآذانكم الظاهرة وأنصتوا بحواسكم الباطنة وجوز أن يكون ضمير له للرب سبحانه أي إذا قريء القرآن فاستمعوا للرب جل شأنه فإنه المتكلم والمخاطب لكم به لعلكم ترحمون بالسمع الحقيقي أو برحمة تجلي المتكلم في كلامه بصفاته وأفعاله واذكر ربك في نفسك بأن تتحلى بما يمكن التحلي به من صفات الله تعالى وقيل : هو على حد لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة