صح الحديث فهو مذهبي وأراه قد صح ولذلك أحجم كميت قلمي عن الجري في ميدان التأويل كما جرى غيره والله تعالى الموفق للصواب وقرأ نافع وأبوبكر شركا بصيغة المصدر أي شركة أو ذوي شركة وهم الشركاء أيشركون به تعالى ما لا يخلق شيئا أي ما لا يقدر على أن يخلق شيئا من الأشياء أصلا ومن حق المعبود أن يكون خالقا لعابده لا محالة وعنى بما الأصنام وإرجاع الضمير إليها مفردا لرعاية لفظها كما أن إرجاع ضمير الجمع إليها من قوله سبحانه وتعالى : وهم يخلقون لرعاية معناها وإيراد ضمير العقلاء مع أن الأصنام مما لا يعقل إنما هو بحسب إعتقادهم فيها وإجرائهم لها مجرى العقلاء وتسميتهم لها آلهة .
والجملة عطف على لا يخلق والجمع بين الأمرين لإبانة كمال منافاة حال ما أشركوه لما إعتقدوه فيه وإظهار غاية جهلهم وعدم التعرض للخالق للإيذان بتعينه والإستغناء عن ذكره تعالى ولا يستطيعون أي الأصنام لهم أي للمشركين الذين عبدوهم نصرا أي نصرا ما إذا أحزنهم أمر مهم وخطب ملم ولا أنفسهم ينصرون .
291 .
- إذا إعتراهم حادثة من الحوادث أي لا يدفعونها عن أنفسهم وإيراد النصر للمشاكلة وهو مجاز في لازم معناه وهذا لتأكيد العجز والإحتياج المنافيين لإستحقاق الألوهية ووصفوا فيما تقدم بالمخلوقية لكونهم أهلا لها ولم يوصفوا هنا بالمنصورية لأنهم ليسوا أهلا لها وقوله سبحانه وتعالى : وإن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم بيان لعجزهم عما هو أدنى من النصر المنفي عنهم وأيسر وهو مجرد الدلالة على البغية والإرشاد إلى طريق حصولها من غير أن تحصل للطالب والخطاب للمشركين بطريق الإلتفات بدلالة ما بعد وفيه إيذان بمزيد الإعتناء بأمر التوبيخ والتبكيت أي وإن تدعوا الأصنام أيها المشركون إلى أن يرشدوكم إلى ما تحصلون به المطالب أو تنجون به عن المكاره لا يتبعوكم إلى مرادكم ولا يجيبوكم ولا يقدرون على ذلك وقرأ نافع يتبعوكم بالتخفيف وقوله تعالى : سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون .
391 .
- إستئناف مقرر لمضمون ما قبله ومبين لكيفية عدم الإتباع أي مستو عليكم في عدم الإفادة دعاؤكم لهم وسكوتكم فإنه لا يتغير حالكم في الحالين كما لا يتغير حالهم بحكم الجمادية وكان الظاهر الإتيان بالفعل فيما بعد أم لأن ما في حيز همزة التسوية مؤول بالمصدر لكنه عدل عن ذلك للإيذان بأن أحداث الدعوة مقابل إستمرار الصمات وفيه من المبالغة ما لايخفى وقيل : إن الإسمية بمعنى الفعلية وإنما عدل عنها لأنها رأس فاصلة وفيه أنه لو قيل تصمتون تم المراد .
وقيل : إن ضمير تدعوا للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم والمؤمنين أو له E وجمع للتعظيم وضمير المفعولين للمشركين والمراد بالهدى دين الحق أي إن تدعوا المشركين إلى الإسلام لا يتبعوكم أي لم يحصلوا ذلك منكم ولم يتصفوا به وتعقب بأنه مما لا يساعده سباق النظم الكريم وسياقه أصلا على أنه لو كان كذلك لقيل عليهم مكان عليكم كما في قوله تعالى : سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون فإن إستواء الدعاء وعدمه إنما هو بالنسبة للمشركين لا بالنسبة إلى الداعين فإنهم فائزون بفضل الدعوة ولعل رواية ذلك عن الحسن غير ثابتة والطبرسي حاطب ليل إن الذين تدعون تقرير لما قبله من عدم إتباعهم لهم والدعاء إما بمعنى العبادة تسمية لها بجزئها أو بمعنى التسمية كدعوته زيدا ومفعولاه محذوفان أي إن الذين تعبدونهم