لما خافا عاقبة الأمر فاهتما به وتضرعا إليه D ربهما أي مالك أمرهما الحقيق بأن يخص به الدعاء .
وفي هذا إشارة إلى أنهما قد صدرا به دعاءهما وهو المعهود منهما في الدعاء ومتعلق الدعاء محذوف لإيذان الجملة القسمية به أي دعواه تعالى أن يؤتيهما صالحا ووعدا بمقابلته الشكر على سبيل التوكيد القسمي وقالا أو قائلين لئن ءاتيتنا صالحا أي نسلا من جنسنا سويا وقيل : ولدا سليما من فساد الخلقة كنقص بعض الأعضاء ونحو ذلك وعليه جماعة وعن الحسن علاما ذكرا وهو خلاف الظاهر لنكونن نحن أو نحن ونسلنا من الشاكرين .
981 .
- الراسخين في الشكر لك على ايتائك وقيل : على نعمائك التي من جملتها هذه النعمة .
وجوز أن يكون ضمير آتيتنا لهما ولكل من يتناسل من ذريتهما وليس بذلك فما ءاتاهما صالحا وهو ما سألاه أصالة من النسل أو ما طلباه أصالة وإستتباعا من الولد وولد الولد ما تناسلوا جعلا أي النسل الصالح السوي وثنى الضمير بإعتبار أن دلك النسل صنفان ذكر وأنثى وقد جاء أن حواء كانت تلد في كل بطن كذلك له أي لله سبحانه وتعالى شركاء من الأصنام والأوثان فيما ءاتاهما من الأولاد حيث أضافوا ذلك إليهم والتعبير بما لأن هذه الإضافة عند الولادة والأولاد إذ ذاك ملحقون بما لا يعقل .
وقيل : المراد بالموصول ما يعم سائر النعم فإن المشركين ينسبون ذلك إلى آلهتهم ووجه العدول عن الإضمار حيث لم يقل شركاء فيه على الوجهين ظاهر وإسناد الجعل للنسل على حد بنو تميم قتلوا فلانا فتعالى الله عما يشركون .
91 .
- تنزيه فيه معنى التعجب والفاء لترتيبه على ما فصل من قدرته سبحانه D وآثار نعمته الزاجرة عن الشرك الداعية إلى التوحيد وضمير الجمع لأولئك النسل الذين جعلوا لله شركاء وفيه المذكر على المؤنث وإيذان بعظم شركهم والمراد بذلك إما للتسمية أو مطلق الإشراك و ما إما مصدرية أي عن إشراكهم أو موصولة أو موصوفة أي عما يشركون به تعالى وهذه الآية عندي من المشكلات وللعلماء فيها كلام طويل ونزاع عريض وما ذكرناه هو الذي يشير إليه كلام الجبائي وهو مما لا بأس به بعد إغضاء العين عن مخالفته للمرويات سوى تثنية الضمير تارة وجمعه أخرى مع كون المرجع مفردا لفظا ولم نجد ذلك في الفصيح .
واختار غير واحد أن في جعلا وآتاهما بعد مضافا محذوفا وضمير التثنية فيهما لآدم وحواء على طرز ما قبل أي جعل أولادهما فيما آتى أولادهما من الأولاد وإنما قدروه في موضعين ولم يكتفوا بتقديره في الأول وإعادة الضمير من الثاني على المقدر أولا لأن الحذف لم تقم عليه قرينة ظاهرة فهو كالمعدوم فلا يحسن عود الضمير عليه والمراد بالشرك فيما آتى الأولاد تسمية كل واحد من أولادهم بنحو عبد العزى وعبد شمس واعترض أولا بأن ما دكر من حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه إنما يصار إليه فيما يكون للفعل ملابسة ما بالمضاف إليه أيضا بسرايته إليه حقيقة أو حكما ويتضمن نسبته إليه صورة مزية يقتضيها المقام كما في قوله تعالى : وإذ أنجيناكم من آل فرعون الآية فإن الإنجاء منهم مع أن تعلقه حقيقة ليس إلا بأسلاف اليهود وقد نسب إلى أخلافهم بحكم سرايته إليهم توفية لمقام الإمتنان حقه وكذا يقال في نظائره وهنا ليس كذلك إذ لا ريب في أن آدم وحواء عليهما السلام بريئان من سراية الجعل المذكور إليهما بوجه من الوجوه فلا وجه لإسناده إليهما صورة وثانيا بأن إشراكهم بإضافة أولادهم بالعبودية إلى أصنامهم من لازم إتخاذ تلك الأصنام آلهة ومتفرع