فهي أكثر من ذلك ويعلم من هذا ما في قولهم : لا أحد يذكر ذلك الميثاق على وجه السلب الكلي من المنع وقد روي عن ذو النون أيضا وقد سئل عن ذلك هل تذكره أنه قال : كأنه الآن في أذني وقال بعضهم مستقربا له : إن هذا الميثاق بالأمس كان وأشار فيه أيضا إلى مواثيق أخر كانت قبل ويمكن أن يقال مراده من تلك السالبة لا أحد من المشركين يذكر ذلك الميثاق لا لا أحد مطلقا .
وذكر قطب الحق والدين العلامة الشيرازي في التوفيق بين الآية والخبر العمري كلاما أرتضاه الفحول وتلقوه بالقبول وحاصله : أن جواب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم إذ سئل عن الآية من قبيل أسلوب الحكيم وذلك أنه E سئل عن بيان الميثاق الحالي فأجاب ببيان الميثاق المقالي على ألطف وجه .
وبيانه أن سبحانه كان له ميثاقان مع بني آدم أحدهما تهتدي إليه العقول من نصب الأدلة الباعثة على الإعتراف الحالي وثانيهما المقالي الذي لا يهتدي إليه العقل بل يتوقف على توقيف واقف على أحوال العباد من الأزل إلى الأبد كالأنبياء عليهم السلام فأراد النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أن يعلم الأمة ويخبرهم عن أن وراء الميثاق الذي يهتدون إليه بعقولهم ميثاقا آخر أزليا فقال ما قال من مسح ظهر آدم عليه السلام في الأزل وإخراج الذرية ليعرف منه أن هذا النسل الذي يخرج في لا يزال من أصلاب بني آدم هوالذر الذي أخرج في الأزل من صلب آدم وأخذ منه الميثاق المقالي الأزلي كما أخذ منهم في لا يزال بالتدريج حين أخرجوا الميثاق الحالي اللايزالي اه وهو حسن كما قالوا لكن ينبغي أن يحمل الأزل فيه ولا يزال على المجاز لأن خروج النسل محدود بيوم القيامة وعلى القول بعدم إنقطاعه بعده هو خاص بالسعداء على وجه خاص كما علم في محله والأمر حادث لا أزلي وإلا لزم خرق إجماع المسلمين والتدافع بين الآية وكان الله تعالى ولم يكن معه شيء ونقل عن الخلخالي أنه شمر عن ساقه في دفع ذلك فقال : المخاطبون هم الصور العلمية القديمة التي هي ماهيات الأشياء وحقائقها ويسمونها الأعيان الثابتة وليست تلك الصور موجودة في الخارج فلا يتعلق بها بحسب ذلك الثبوت جعل بل هي في ذواتها غير محتاجة إلى ما يجعلها تلك الصور وهي صادرة عنه تعالى بالفيض الأقدس وقد صرحوا بأنها شؤنات وإعتبارات للذات الأحدي وجوابهم بقولهم : بلى إنما هو بألسنة إستعدادهم الأزلية لا بالألسنة التي هي بعد تحققها في الخارج انتهى وهو مبني على الفرق بين الثبوت والوجود وفيه نزاع طويل لكنا ممن يقول به والله لا يستحي من الحق ومن هنا انقدح لبعض الأفاضل وجه آخر في التوفيق بين الآية والحديث وو أن المراد بالذرية المستخرجة من صلب آدم عليه السلام وبنيه هو الصور العلمية والأعيان الثابتة وأن المراد بإستخراجها هو تجلي الذات الأحدي وظهوره فيها وأن نسبة الإخراج إلى ظهورهم بإعتبار أن تلك الصور إذا وجدت في الأعيان كانت عينهم وأن تلك المقاولة حالية إستعدادية أزلية لا قالية لايزالية حادثة وهذا هو المراد بما نقل الشيخ العارف أبو عبدالرحمن السلمي في الحقائق عن بنان حيث قال : أوجدهم لديه في كون الأزل ثم دعاهم 1 فأجابهم وسراعا وعرفهم نفسه حين لم يكونوا في الصورة الإنسية ثم أخرجهم بمشيئته خلقا وأودعهم في صلب آدم فقال سبحانه : وإذ أخذ ربك الخ فأخبر أنه خاطبهم وهم غير موجودين إلا بوجوده لهم إذ كانوا واجدين للحق في غير وجودهم لأنفسهم وكان الحق بالحق في ذلك موجودا ثم أنشد السلمي لبعضهم :