حينئذ على ما قيل لأنهم نبهوا بنصب الأدلة وجعلوا متهيئين تهيأ تاما لتحقيق الحق وإنكار ذلك مكابرة فكيف يمكنهم أن يقولوا ذلك أو تقولوا في ذلك اليوم إنما أشرك أباؤنا من قبل أي إن آباءنا هم اخترعوا الإشراك وهم سنوه من قبل زماننا وكنا نحن ذرية من بعدهم لا نهتدي إلى سبيل التوحيد أفتهلكنا أي أتؤاخذنا فتهلكنا اليوم بالعذاب بما فعل المبطلون .
371 .
- من آبائنا المضلين لا نراك تفعل و أو لمنع الخلو دون الجمع وفعل القول عطف على نظيره وقرأهما أبو عمرو بالياء على الغيبة لأن صدر الكلام عليهما ووجه قراءة الخطاب ما علمت وقال البعض : إن ذاك لقول الرب تعالى ربكم وإنما لم يسع القوم هذا القول لأن ما ذكر من إستعدادهم يضيق عليهم المسالك إليه إذ التقليد عند قيام الدلائل والقدرة على الإستدلال بها مما لا مساغ إليه أصلا هذا والذي عليه المحدثون والصوفية قاطبة أن الله تعالى أخذ من العباد بأسرهم ميثاقا قاليا قبل أن يظهروا بهذه البنية المخصوصة وأن الإخراج من الظهور كان قبل أيضا .
فقد أخرج أحمد والنسائي وابن جرير وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال : إن الله تعالى آخذ الميثاق من ظهر آدم بنعمان يوم عرفة فأخرج من صلبه كل ذرية ذراها فنشرها بين يديه كالذر ثم كلمهم قبلا ألست بربكم قالوا : بلى شهدنا .
وأخرج مالك في الموطأ وأحمد وعبد بن حميد والبخاري في التاريخ وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وابن جرير وخلق كثير عن مسلم بن يسار الجهني أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه سئل عن هذه الآية وإذ أخذ ربك الخ فقال : سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم سئل عنها فقال : إن الله تعالى خلق آدم ثم مسح ظهره بيمينه فاستخرج منه ذرية فقال : خلقت هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذرية فقال : خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون فقال الرجل : يا رسول الله ففيما العمل فقال : إذا خلق العبد للجنة إستعمله بعمل أهل الجنة حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة فيدخله الله الجنة وإذا خلق العبد للنار إستعمله بعمل أهل النار حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار فيدخله الله تعالى النار والبيضاوي حمل الآية في تفسيره على التمثيل وكذا في شرحه للمصابيح وذكر فيه أن ظاهر حديث عمر رضي الله تعالى عنه لا يساعد ذلك ولا ظاهر الآية لأنه سبحانه وتعالى لو أراد أن يذكر أنه إستخرج الذرية من صلب آدم دفعة واحدة لا على توليد بعضهم من بعض على مر الزمان لقال : وإذ أخذ ربك من ظهر آدم ذريته والتوفيق بينهما أن يقال : المراد من بني آدم في الآية آدم وأولاده وكأنه صار إسما للنوع كالإنسان والبشر والمراد بالإخراج توليد بعضهم من بعض على مر الزمان واقتصر في الحديث على ذكر آدم إكتفاء بذكر الأصل عن ذكر الفرع وقوله غليه الصلاة والسلام في الحديث مسح ظهر آدم يحتمل أن يكون الماسح الملك الموكل على تصوير الأجنة وتخليقها وجمع موادها وأسند إلى الله تعالى لأنه الآمر كما أسند التوفي إليه في قوله تعالى : يتوفى الأنفس حين موتها والمتوفى لها هو الملك لقوله تعالى : تتوفاهم الملائكة ويحتمل أن يكون الماسح هو الله تعالى ويكون المسح من باب التمثيل وقيل : هو من المساحة بمعنى التقدير كأنه قال : قدر ما في ظهره من الذرية انتهى كلامه وقال بعضهم : ليس المعنى في الحديث أنه تعالى أخرج الكل من ظهر آدم عليه السلام بالذات بل أخرج من ظهره أبناءه الصلبية ومن ظهورهم