بالوج ولا يصح كما لايخفى تعلقه بالصلة في قوله سبحانه : من يسومهم يذيقهم ويوليهم سوء العذاب كالإذلال وضرب الجزية وعدم وجود منعة لهم وجعلهم تحت الأيدي وغير ذلك من فنون العذاب وقد بعث الله تعالى عليهم بعد سليمان E بختنصر فخرب ديارهم وقتل مقاتليهم وسبى نساءهم وذراريهم وضرب الجزية على من بقى منهم وكانوا يؤدونها إلى المجوس حتى بعث النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ففعل ما فعل ثم ضرب الجزية عليهم فلا تزال مضروبة إلى آخر الدهر .
ولا ينافي ذلك رفعها عند نزول عيسى E لأن ذلك الوقت ملحق بالآخرة لقربه منها أو لأن معنى رفعه عليه السلام إياها عنم أنه لايقبل منهم إلا الإسلام ويخيرهم بينه وبين السيف فالقوم حينئذ إما مسلمون أو طعمة لسيوفهم فلا إشكال وما يحصل لهم زمن الدجال مع كونه ذلا في نفسه غمامة صيف على أنهم ليسوا يهود حين التبعية إن ربك لسريع العقاب لما شاء سبحانه أن يعاقبه في الدنيا ومنهم هؤلاء وقيل : في الآخرة وقيل : فيهما وإنه لغفور رحيم لمن تاب وآمن وقطعناهم أي فرقنا بني إسرائيل أو صيرناهم في الأرض وجعلنا كل فرقة منهم في قطر من أقطارها بحيث لايكاد يخلو قطر منهم تكملة لأدبارهم حتى لايكون لهم شوكة وهذا من مغيبات القرآن كالذي تضمنته الآية قبل وقوله سبحانه : أمما إما مفعول ثان لقطعنا وإما حال من مفعوله منهم الصالحون وهم كما قال الطبري من آمن بالله تعالى ورسوله وثبت على دينه قبل بعث عيسى E وقيل هم الذين أدركوا النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وآمنوا به ونسب ذلك إلى ابن عباس ومجاهد وقيل : هم الذين وراء الصين وهو عندي وراء الصين والجار متعلق بمحذوف خبر مقدم والصالحون مبتدأ وجوز أن يكون فاعلا للظرف والجملة في موضع النصب صفة لأمم على الإحتمالين وجوز أن تكون في موضع الحال وهي بدل من أمم على الإحتمال الثاني وأن تكون صفة موصوف مقدر هو البدل على الأول أي قوما منهم الصالحون ومنهم دون ذلك أي منحطون عن أولئك الصالحين غير بالغين منزلتهم في الصلاح وهو الذين امتثلوا بعض الأوامر وخالفوا بعضا مع كونهم مؤمنين وقيل : هم الكفرة منهم بناء على أن المراد بالصلاح الإيمان وقيل : المراد بهم مايشمل الكفرة والفسقة والجار متعلق بمحذوف خبر مقدم و دون على ماذكره الطبرسي مبتدأ إلا أنه بقي مفتوحا لتمكنه في الظرفية مع إضافته إلى المبني ومثله على قول أبي الحسن بينكم في قوله سبحانه : لقد تقطع بينكم أو المبتدأ محذوف والظرف صفته أي ومنهم أناس أو فرقة دون ذلك ومن المشهور عند النحاة أن الموصوف بظرف أو جملة يطرد حذفه إذا كان بعض اسم مجرور بمن أو في مقدم عليه كما في من أقام ومنا ظعن ومحط الفائدة الإنقسام إلى أن هؤلاء منقسمون إلى قسمين ومن الناس من تكلف في مثل هذا التركيب لجعل الظرف الأول صفة مبتدأ محذوف وجعل الظرف الثاني خبرا لما ظنه داعيا لذلك وليس بشيء والإشارة للصالحين وقد ذكروا أن اسم الإشارة الفرد قد يستعمل للمثنى والمجموع وقد مرت الإشارة إليه وقيل : أشير به إلى الصلاح كما يقتضيه ظاهر الإفراد ويقدر حينئذ مضاف وهو أهل مثلا وبلوناهم بالحسنات الخصب والعافية والسيئات الجدب والشدة لعلهم يرجعون أي يتوبون عما كانوا عليه مما نهوا عنه فخلف من بعدهم أي المذكورين وقيل :