ثيابه وتبكي فيقول : ألم ننهكم فتقول القردة برأسها نعم ثم ماتوا بعد ثلاث وعن قتادة أن الشبان صاروا قردة والشيوخ خنازير وعن مجاهد أنه مسخت قلوبهم فلم يوفقوا لفهم الحق وأخرج ابن جرير وغيره عن الحسن قال : كان حوتا حرمه الله عليهم في يوم وأحله لهم سوى ذلك فكان يأتيهم في اليوم الذي حرمه الله تعالى عليهم كأنه المخاض ما يمتنع من أحد فجعلوا يهمون ويمسكون وقلما رأيت أحدا أكثر الإهتمام بالذنب إلا واقعه حتى أخذوه فأكلوا والله أوخم أكله أكلها قوم أثقلها خزيا في الدنيا وأطولها عذابا في الآخرة وأيم الله تعالى ما حوت أخذه قوم فأكلوه أعظم عند الله تعالى من قتل رجل مؤمن وللمؤمن أعظم حرم عند الله سبحانه من حوت ولكن الله D جعل موعد قوم الساعة والساعة أدهى وأمر .
وأخرج عبد بن حميد عن هكرمة أنه كان على شاطيء البحر الذي هم عنده صنمان من حجارة مستقبلان الماء يقال لأحدهما لقيم وللآخر لقمانة فأوحى الله تعالى إلى السمك إن حج يوم السبت إلى الصنمين وأوحى إلى أهل القرية أني قد أمرت السمك أن يحجوا إلى الصنمين يوم السبت فلا تتعرضوه فيه فإذا ذهب اليوم فشأنكم به فصيدوه فابتلي القوم ووقع منهم ما مسخوا به قردة وفي القلب من صحة هذا الأثر شيء ولعله لا صحة له كما لا يخفى على من يعرف معنى الحج من المصلين ويشبه هذين الصنمين عين حق لان 1 قرب جزيرة الحدثية من العراق وهي قريبة من شاطيء الفرات فإن السمك يزورها في أيام مخصوصة من السنة حتى يخيل أنه لم يبق في بطن الفرات حوت إلا قذف إليها فيصيد أهل ذلك الصقع منه ما شاء الله تعالى وينقلونه إلى الجزائر والقرى القريبة منهم كمألوس وحبة وعانات وهيت ثم ينقطع فلا ترى سمكة في العين بعد تلك الأيام إلى مثلها من قابل وسبحان الفعال لما يريد واستدل بعض أهل العلم بقصة هؤلاء المعتدين على حرمة الحيل في الدين وأيد ذلك بما أخرجه ابن بطة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال لاترتكبوا ما ارتكب اليهود فتستحلوا محارم الله تعالى بأدنى الحيل وإذ تأذن ربك منصوب معطوف على قوله سبحانه : واسئلهم وتأذن تفعل من الأذن وهو بمعنى آذن أي أعلم والتفعل يجيء بمعى الأفعال كالتوعد والإيعاد وإلى هذا يؤول ما روي عن ابن عباس من أن المعنى قال ربك وفسره بعضهم بعزم وهو كناية عنه أو مجاز لأن العازم على الأمر يشاور نفسه في الفعل والترك ثم يجزم فهو يطلب من النفس الإذن فيه وفي الكشف لو جعل بمعنى الإستئذان دون الإذان كأنه يطلب الإذن من نفسه لكان وجها وحيث جعل بمعنى عزم وكان العازم جازما فسر عزم بجزم وقضى فأفاد التأكيد فلذا أجري مجرى القسموأجيب بما يجاب به وهو هنا ليبعثن وجاء عزمت عليك لتفعلن ولا يرد على هذا أنه مقتضى لجواز نسبة العزم إليه تعالى وقد صرح بمنع ذلك لأن المنع مدفوع فقد ورد عزمة من عزمات الله تعالى عليهم أي اليهود لا المعتدين الذين مسخوا قردة إذ لم يبقوا كما علمت ويحتمل عود الضمير عليهم بناء على ما روي عن الحسن والمراد حينئذ هم وأخلافهم وعوده إلى اليهود والنصارى ليس بشيء وإن روي عن مجاهد والجار متعلق بيبعثن على معنى يسلط عليهم البتة إلى يوم القيامة أي إلى إنتهاء الدنيا وهومتعلق بيبعث وقيل : بتأذن وليس