محذوف أي موعظتنا معذرة إليه تعالى حتى لا ننسب إلى نوع تفريط في النهي عن المنكر ولعلهم يتقون عطف على معذرة أي ورجاء أن يتقوا بعض التقاة فإن اليأس المحقق لايحصل إلا بالهلاك قال شيخ الإسلام : وهذا صريح في أن القائلين لم تعظون الخ ليسوا من الفرقة الهالكة وإلا لوجب الخطاب اه .
وقد يوجه ذلك على ذلك القول بأنه إلتفات أو مشاكلة لتعبيرهم عن أنفسهم في السؤال بقوم وإما لجعله بإعتبار غير الطائفة القائلين إلا أن كل ذلك خلاف الظاهر فلما نسوا ماذكروا به أي تركوا ما ذكرهم به صلحاؤهم ترك الناسي للشيء وأعرضوا عنه إعراضا كليا فما موصولة وجوز أن تكون مصدرية وهو خلاف الظاهر .
والنسيان مجاز عن الترك واستظهر أنه إستعارة حيث شبه الترك بالنسيان بجامع عدم المبالاة وجوز أن يكون مجازا مرسلا لعلاقة السببية ولم يحمل ظاهره كما قال بعض المحققين لأنه غير واقع ولأنه لايؤاخذ بالنسيان ولأن الترك عن عمد هو الذي يترتب عليه إنجاء الناهين في قوله سبحانه وتعالى : أنجينا الذين ينهون عن السوء إذ لم يمتثلوا أمرهم بخلاف ما لو نسوه فإنه كان يلزمهم تذكيرهم وظاهر الآية ترتب الإنجاء على النسيان وهو في الحقيقة مرتب على النسيان والتذكير وما في حيز الشرط مشير إليهما فكأنه قيل : فلما ذكر المذكرون ولم يتذكر المعتدون وأعرضوا عما ذكروا به أنجينا الأولين وأخذنا الآخرين وعنوان النهي عن السوء شامل للذين قالوا لم تعظون الخ وللمقول لهم ذلك وأما شموله للمقول لهم فواضح وأما شموله للقائلين فلأنهم نهوا أيضا إلا أنهم رأوا عدم النفع فكفوا وذلك لايضرهم فقد نصوا على أنه إذا علم الناهي حال المنهي وأن النهي لايؤثر فيه سقط عنه النهي وربما وجب الترك على ما قال الزمخشري لدخوله في باب العبث ألا ترى أنك لو ذهبت إلى المكاسين القاعدين على الطريق لأخذ أموال الفقراء وغيرهم بغير حق لتعظهم وتكفهم عما هم عليه كان ذلك عبثا منك ولم يكن إلا سببا للتلهي بك ولم يعرض أولئك كما أعرض هؤلاء لعدم بلوغهم في اليأس كما بلغ إخوانهم أو لفرط حرصهم وجدهم في أمرهم كما وصف الله تعالى رسوله صلى الله تعالى عليه وسلم بقوله تعالى : فلعلك باخع نفسك على آثارهم .
وروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال : لاأدري ما فعلت الفرقة الساكتة وعنى بهم القائلين ومنشأ قوله هذا كما نطقت به بعض الروايات أنه سمع قوله سبحانه : أنجينا الذين ينهون عن السوء وقوله جل وعلا : وأخذنا الذين ظلموا أي بالإعتداء ومخالفة الأمر ولم يغص رضي الله تعالى عنه مع أنه الغواص فقال له عكرمة : جعلني الله فداك ألا تراهم كيف أنكروا وكرهوا ماالقوم عليه وقالوا ماقالوا وإن لم يقل الله سبحانه أنجيتهم لم يقل أهلكتهم فأعجبه قوله وأمر له ببردين وقال : نجت الساكتة ونسب الطبرسي إليه رضي الله تعالى عنه قولين آخرين في الساكتة أحدهما القول بالتوقف وثانيهما القول بالهلاك وبه قال ابن زيد وروي عن أبي عبدالله رضي الله تعالى عنه فالمأخوذ حينئذ الساكتون والظالمون بعذاب بئيس أي شديد وفسره الحبر بما لا رحمة فيه ويرجع إلى ما ذكر وهو فعيل إما وصف أو مصدر كالنكير وصف به مبالغة والأكثرون على كونه وصفا من بؤس يبؤس بأسا إذا اشتد