منها والإشارة إما إلى الإبتلاء السابق أو إلى الإبتلاء المذكور بعد كما مر غير مرة وقيل : الإشارة إلى الإتيان يوم السبت وهي متصلة بما قبل أي لاتأتيهم كذلك الإتيان يوم السبت والكاف في موضع نصب على الحال عند الطبرسي وجوز أن يكون متعلقا بمحذوف وقع صفة لمصدر مقدر أي اتيانا كائنا كذلك وجملة نبلوهم إستئناف مبني على السؤال عن حكمة إختلاف حال الحيتان بالإتيان تارة وعدمه أخرى بما كانوا يفسقون أي بسبب فسقهم المستمر في كل ما يأتون ويذرون وهو متعلق بما عنده وتعلق إذ يعدون بنبلوهم وبما يعبدون على معنى نبلوهم وقت العدوان بالفسق مما لا ينبغي تخريج كتاب الله تعالى الجليل عليه وإذ قالت عطف على إذ يعدون مسوق لبيان تماديهم في العدوان وعدم إنزجارهم عنه بعد العظات والإنذارات .
قال العلامتان الطيبي والتفتازاني : ولايجوز أن يكون معطوفا على إذ تأتيهم وإن كان أقرب لفظا لأنه إما بدل أو ظرف فيلزم أن يدخل هؤلاء القائلون في حكم أهل العدوان وليس كذلك وهذا على ما قيل على تقدير الظرفية ظاهر وأما على تقدير الإبدال فلأن البدل أقرب إلى الإستقلال واستظهر في بيان وجه ذلك أن زمان القول بعد زمان العدوان ومغاير له واعتبار كونه ممتدا كسنة مثلا يقع فيه ذلك كله تكلف من غير مقتض والقول بأن العطف على ذاك يشعر أو يوهم أن القائلين من العدين في السبت لا من مطلق أهل القرية فيه ما فيه أمة منهم أي جماعة من صلحائهم الذين لم يألوا جهدا في عظتهم حين يئسوا من إحتمال القبول لآخرين لم يقلعوا عن التذكير رجاء النفع والتأثير لم تعظون قوما الله مهلكهم أي مستأصلهم بالكلية ومطهر وجه الأرض منهم أو معذبهم عذابا شديدا دون الإستئصال بالمرة وقيل مهلكهم في الدنيا أو معذبهم في الآخرة لعدم إقلاعهم عما هم عليه من الفسق والترديد لمنع الخلو على هذا وإيثار صيغة اسم الفاعل في الشقين للدلالة على تحقيق كل من الإهلاك والتعذيب وتقررهما البتة كأنهما واقعان وإنما قالوا ذلك مبالغة في أن الوعظ لاينجع فيهم إذ المقصود لاتعظوا أو أتعظون فعدل عنه إلى السؤال عن السبب لإستغرابه لأن الأمر العجيب لايدرى سببه أو سؤالا عن حكمة الوعظ ونفعه وقيل : إن هذا تقاول وقع بين الصلحاء الواعظين كأنه قال بعضهم لبعض : لم نشتغل بما لايفيد ويحتمل على كلا القولين أن ذلك صدر من القائل بمحصر من القوم فيكون متضمنا لحثهم على الإتعاظ فإن بت القول بهلاكهم أو عذابهم مما يلقى في قلوبهم الخوف والخشية وقيل قائلو ذلك المعتدون في السبت قالوا : تهكما بالناصحين المخوفين لهم بالهلاك والعذاب وفيه بعد كما ستقف عليه قريبا إن شاء الله تعالى قالوا أي المقول لهم ذلك معذرة إلى ربكم أي نعظهم معذرة إليه تعالى على أنه مفعول له وهو الأنسب بظاهر قولهم : لم تعظون أو نعتذر معذرة على أنه مفعول مطلق لفعل محذوف وقيل : هو مفعول به للقول وهو وإن كان مفردا في معنى الجملة لأنه الكلام الذي يعتذر به والمعذرة في الأصل بمعنى العذر وهو التنصل من الذنب وقال الأزهري : إنه بمعنى الإعتذار وعداه بإلى لتضمنه معنى الإنهاء والإبلاغ وفي إضافة الرب إلى ضمير المخاطبين نوع تعريض بالسائلين وهذا الجواب على القولين الأولين ظاهر وعلى الأخير قيل إنه من تلقي السائل بغير ما يترقب فهو من الأسلوب الحكيم وقرأ من عدا حفص والمفضل معذرة بالرفع على أنه خبر مبتدأ