وتاب كما قال : .
إني امرىء مما جنيت هائد .
ومن كلام بعضهم : ياراكب الذنب هدهد واسجد كأنك هدهد وقيل : معناه مال وقرأ زيد بن علي رضي الله تعالى عنهما هدنا بكسر الهاء من هاد يهيد إذا حرك وأخرج ابن المنذر وغيره عن أبي وجرة السعدي أنه أنكر الضم وقال : والله لاأعلمه في كلام أحد من العرب ؤإنما هو هدنا بالكسر أي ملنا وهو محجوج بالتواتر وجوز على هذه القراءة أن يكون الفعل مبنيا للفاعل والمفعول بمعنى حركنا أنفسنا أو حركنا غيرنا وكذا على قراءة الجماعة والبناء للمفعول عليها على لغة من يقول : عود المريض ولا بأس بذلك إذا كان الهود بمعنى الميل سوى أن تلك لغة ضعيفة وممن جوز الأمرين على القراءتين الزمخشري وتعقبه السمين بأنه متى حصل الإلتباس وجب أن يؤتي بحركة تزيله فيقال : عقت إذا عاقك غيرك بالكسر فقط أو الإشمام إلا أن سيبويه جوز في نحو قيل الأوجه الثلاثة من غير إحتراز والجملة تعليل لطلب المغفرة والرحمة وتصديرها بحرف التحقيق لأظهار كمال النشاط والرغبة في مضمونها قال إستئناف بياني كأنه قيل : فماذا قال الله تعالى له بعد دعائه فقيل : قال عذابي أصيب به من أشاء أي شأني أصيب بعذابي من أشاء تعذيبه من غير دخل لغيري فيه .
وقرأ الحسن وعمرو الأسود من أساء بالسين المهملة ونسبت إلى زيد بن علي رضي الله تعالى عنهما وأنكر بعضهم صحتها ورحمتي وسعت كل شيء أي شأنها أنها واسعة تبلغ كل شيء ما من مسلم ولا كافر ولا مطيع ولا عاص إلا وهو متقلب في الدنيا بنعمتي وفي نسبة الإصابة إلى العذاب بصيغة المضارع ونسبة السعة إلى الرحمة بصيغة الماضي إيذان بأن الرحمة مقتضى الذات وأما العذاب فمقتضى معاصي العباد والمشيئة معتبرة في جانب الرحمة أيضا وعدم التصريح بها قيل : تعظيما لأمر الرحمة وقيل : للإشعار بغاية الطهور ألا ترى إلى قوله تعالى : فسأكتبها فإنه متفرع على إعتبار المشيئة كما لايخفى كأنه قيل : فإذا كان الأمر كذلك أي كما ذكر من إصابة عذابي وسعة رحمتي لكل من أشاء فسأثبتها إثباتا خاصا للذين يتقون أي الكفر والمعاصي إما إبتداءا أو بعد الملابسة ويؤتون الزكاة المفروضة عليهم في أموالهم وقيل المعنى يطيعون الله ورسوله صلى الله تعالى عليه وسلم والظاهر خلافه وتخصيص إيتاء الزكاة بالذكر مع إقتضاء التقوى له للتعريض لقوم موسى عليه السلام لأن ذلك كان شاقا عليهم لمزيد حبهم للدنيا ولعل الصلاة إنما لم تذكر مع إنافتها على سائر العبادات وكونها عماد الدين إكتفاء منها بالإتقاء الذي هو عبارة عن فعل الواجبات بأسرها وترك المنهيات عن آخرها والذين هم بآياتنا كلها كما يفيده الجمع المضاف يؤمنون إيمانا مستمرا من غير إخلال بشيء منها وتكرير الموصول مع أن المراد به عين ما أريد بالموصول الأول دون أن يقال ويؤمنون بآياتنا عطفا على ما قبله كما سلك في سابقه قيل : لما أشير إليه من القصر بتقديم الجار والمجرور أي هم بجميع آياتنا يؤمنون لا ببعضها دون بعض وفيه تعريض بمن آمن ببعض وكفر ببعض كقوم موسى عليه السلام .
واختلف في توجيه هذا الجواب فقال شيخ الإسلام : لعل الله تعالى حين جعل توبة عبدة العجل بقتلهم أنفسهم وكان الكلام الذي أطمع السبعين في الرؤية في ذلك ضمن موسى عليه السلام دعائه التخفيف والتيسير