للإستعطاف كما قال المبرد أي لا تهلكنا وإيا ما كان فهو من مقول موسى عليه السلام كالذي قبله وقول بعضهم : كان ذلك قالة بعضهم غير ظاهر ولا داعي إليه والقول بأن الداعي ما فيه من التضجر الذي لا يليق بمقام النبوة لا يخفي ما فيه ولعل مراد القائل بذلك أن هذا القول من موسى عليه السلام يشبه قول أحد السبعين فكأنه قاله على لسانهم لأنهم الذين أصيبوا بما أصيبوا به دونه فافهم إن هي إلا فتنتك إستئناف مقرر لما قبله وإعتذار عما وقع منهم وإن نافية وهي للفتنة المعلومة للسياق أي ماالفتنة إلا فتنتك أي محنتك وابتلاؤك حيث أسمعتهم كلامك فطمعوا في رؤيتك واتبعوا القياس في غير محله أو أوجدت في العجل خوارا فزاغوا به .
أخرج ابن أبي حاتم عن راشد بن سعد أن الله تعالى لما قال لموسى عليه السلام إن قومك اتخذوا عجلا جسدا له خوار قال : يارب فمن جعل فيه الروح قال : أنا قال : فأنت أضللتهم يارب قال : يا رأس النبيين يا أبا الحكماء إني رأيت ذلك في قلوبهم فيسرته لهم ولعل هذا إشارة إلى الإستعداد الأزلي الغير المجعول وقيل : الضمير راجع على الرجفة أي ما هي إلا تشديدك التعبد والتكلف علينا بالصبر على ما أنزلته بنا وروي هذا عن الربيع وابن جبير وأبي العالية وقيل : الضمير لمسئلة الإراءة وإن لم تذكر .
تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء إستئناف مبين لحكم الفتنة وقيل : حال من المضاف إليه أو المضاف أي تضل بسببها من تشاء إضلاله بالتجاوز عن الحد أو بإتباع المخايل أو بنحو ذلك وتهدي من تشاء هداه فيقوى بها إيمانه وقيل : المعنى تصيب بهذه الرجفة من تشاء وتصرفها عمن تشاء وقيل : تضل بترك الصبر على فتنتك وترك الرضا بها من تشاء عن نيل ثوابك ودخول جنتك وتهدي بالرضا لها والصبر عليها من تشاء وهو كما ترى أنت ولينا أي أنت القائم بإمورنا الدنيوية والآخروية لا غيرك فاغفر لنا ما يترتب عليه مؤاخذتك وارحمنا بإفاضة آثار الرحمة الدنيوية والآخروية علينا والفاء لترتيب الدعاء على ماقبله من الولاية لأن من شأن من يلي الأمور ويقوم بها دفع الضر وجلب النفع وقدم طلب المغفرة على طلب الرحمة لأن التخلية أهم من التحلية وسؤال المغفرة لنفسه عليه السلام في ضمن سؤالها لمن سألها له مما لاضير فيه وإن لم يصدر منه نحو ما صدر منه كما لايخفى والقول بأن إقدامه عليه السلام على أن يقول : إن هي إلا فتنتك جرأة عظيمة فطلب من الله تعالى غفرانها والتجاوز عنها مما يأباه السوق عند أرباب الذوق ولا أظن أن الله تعالى عد ذلك ذنبا منه ليستغفره عنه وفي ندائه السابق ما يؤيد ذلك وأنت خير الغافرين .
551 .
- إذ كل غافر سواك إنما يغفر لغرض نفساني كحب الثناء ودفع الضرر وأنت تغفر لا لطلب عوض ولا غرض بل لمحض الفضل والكرم والجملة إعتراض تذييلي مقرر لما قبل وتخصيص المغفرة بالذكر لأنها الأهم .
وفسر بعضهم ماذكر بغفران السيئة وتبديلها بالحسنة ليكون تذييلا لاغفر وارحم معا واكتب لنا أي ثبت وأقسم لنا في هذه الدنيا التي عرانا فيها ما عرانا حسنة حياة طيبة وتوفيقا للطاعة .
وقيل : ثناءا جميلا وليس بجميل وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن المراد قبل وفادتنا وردنا بالمغفرة والرحمة وفي الآخرة أي واكتب لنا أيضا في الآخرة حسنة وهي المثوبة الحسنى والجنة .
وقيل : إن هذا كالتأكيد لقوله : إغفر وارحم إنا هدنا إليك أي تبنا إليك من هاد يهود إذا رجع