من الذي أختير الرجال سماحة وجودا إذا هب الرياح الزعازع وقوله الآخر فقلت له : اخترها قلوصا سمينة ونابا علا بأمثل نابك في الحيا وقوله سبحانه : سبعين رجلا مفعول أول لاختار على المختار وأخر عن الثاني لما مر مرارا وقيل : بدل بعض من كل ومنعه الأكثرون بناءا على أن المبدل منه في نية الطرح والإختيار لا بدله من مختار ومختار منه وبالطرح يسقط الثاني وجوزه أبو البقاء على ضعف ويكون التقدير سبعين منهم وقيل : هو عطف بيان لميقاتنا ذهب أبو علي وأبو مسلم وغيرهما من مفسري السنة والشيعة إلى أنه الميقات الأول وهو الميقات الكلامي قالوا : إنه عليه السلام إختار لذلك من اثني عشر سبطا من كل سبط ستة حتى تتاموا إثنين وسبعين فقال عليه السلام : ليختلف منكم رجلان فتشاحوا فقال : لمن قعد منكم مثل أجر من خرج فقعد كالب ويوشع وروي أنه لم يصب إلا ستين شيخا فأوحى الله تعالى أن يختار من الشبان عشرة فاختارهم فأصبحوا شيوخا وقيل : كانوا أبناء ماعدا العشرين ولم يتجاوزوا الأربعين فذهب عنهم الجهل والصبا فأمرهم موسى عليه السلام أن يصوموا ويتطهروا ويطهروا ثيابهم ثم خرج بهم إلى طور سيناء فلما دنا من الجبل وقع عليه عمود الغمام حتى تغشى الجبل كله ودنا موسى ودخل فيه وقال للقوم : ادنوا فدنوا حتى إذا دخلوا الغمام وقعوا سجدا فسمعوه وهو سبحانه يكلم موسى يأمره وينهاه افعل ولا تفعل ثم إنكشف الغمام فأقبلوا إليه فطلبوا الرؤية فوعظهم وكان ماكان وذهب آخرون وهو المروي عن الحسن إلى أنه غير الميقات الأول قالوا : إن الله سبحانه أمر موسى عليه السلام أن يأتيه في أناس من بني إسرئيل يعتذرون إليه من عبادة العجل فاختار من إختاره فلما أتوا الطور قالوا ماقالوا وروي ذلك عن السدي وعن ابن إسحق أنه عليه السلام إنما إختارهم ليتوبوا إلى الله تعالى ويسألوه التوبة على من تركوا وراءهم من قومهم ورجح ذلك الطيبي مدعيا أن الأول خلاف نظم الآيات وأقوال المفسرين أما الأول فلما قال الإمام : إنه تعالى ذكر قصة ميقات الكلام وطلب الرؤية ثم أتبعها بقصة العجل وما يتصل بها فظاهر الحال أن تكون هذه القصة مغايرة للمتقدمة إذ لا يليق بالفصاحة ذكر بعض القصة ثم النقل إلى أخرى ثم الرجوع إلى الأولى وإنه إضطراب يصان عنه كلامه تعالى وأيضا ذكر في الأولى خرور موسى عليه السلام صعقا وفي الثانية قوله بعد أخذ الرجفة : لو شئت أهلكتهم وأيضا لو كانت الرجفة بسبب طلب الرؤية لقيل : أتهلكنا بما قال السفهاء وضم إليه الطيبي أنه تعالى حيث ذكر صاعقتهم لم يذكر صعق موسى عليه السلام وبالعكس فدل على التغاير وأما الثاني فلما نقل عن السدي مما ذكرناه آنفا وتعقب ما ذكر في الترجيح أولا صاحب الكشف بأن الإنصاف أن المجموع قصة واحدة في شأن مامن على بني إسرائيل بعد إنجائهم من تحقيق وعد إيتاء الكتاب وضرب ميقاته وعبادة العجل وطلب الرؤية كان في تلك الأيام وفي ذلك الشأن فالبعض مربوط بالبعض بقي إيثار هذا الأسلوب وهو بين لأن الأول في شأن الإمتنان عليهم وتفضيلهم كيف وقد عطف واعدنا على أنجيناكم وقد بين أنه تبيين للتفضيل وتعقيب حديث الرؤية مستطرد للفرق بين الطلبين عندنا وليلقمهم الحجر عند المعتزلى والثاني في شأن جنايتهم بعد ذلك الإحسان البالغ بإتخاذ العجل والملاحة والإفتراق من لوازم النظم وتعقب ماذكر فيه ثانيا بأن قول السدي وحده لايصلح ردا كيف وهذا يخالف ما نقله محيي السنة في قوله سبحانه :