تحرير السؤال والجواب مما تمجه إسماع ذوي الألباب .
وقال عطية العوفي : المراد سينال أولاد الذين عبدوا العجل وهم الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وأريد بالغضب والذلة ماأصاب بني النضير وقريظة من القتل والجلاء أو ماأصابهم من ذلك ومن ضرب الجزية عليهم وفي الكلام على هذا حذف مضاف وهو الأولاد ويحتمل أن لايكون هناك وهو من تعيير الأبناء بما فعل الآباء ومثله في القرآن كثير وقيل : المراد بالموصول المتخذون حقيقة وبالضمير في ينالهم أخلافهم وبالغضب الغضب الأخروي وبالذلة الجزية التي وضعها الإسلام عليهم أو الأعم منها ليشمل ما ضربه بختنصر عليهم وتعقب ذلك أيضا بأنه لا ريب في أن توسيط حال هؤلاء في تضاعيف بيان حال المتخذين من قبيل الفصل بين الشجر ولحائه والمراد بالمفترين المفترون على الله تعالى وإفتراء أولئك عليه سبحانه قول السامري في العجل هذا إلهكم وإله موسى ورضاهم به ولا أعظم من هذه الفرية ولعله لم يفتر مثلها أحد قبلهم ولا بعدهم وعن سفيان بن عيينة أنه قال : كل صاحب بدعة ذليل وتلا هذه الآية .
والذين عملوا السيئات أي سيئة كانت لعموم المغفرة ولأنه لا داعي للتخصيص ثم تابوا عنها من بعدها أي من بعد عملها وهو تصريح بما يقتضيه ثم وءامنوا أي واشتغلوا بالإيمان وما هو مقتضاه وبه تمامه من الأعمال الصالحة ولم يصروا على مافعلوا كالطائفة الأولى وهو عطف على تابوا ويحتمل أن يكون حالا بتقدير قد وإياما كان فهو على قيل : من ذكر الخاص بعدم العام للإعتناء به لأن التوبة عن الكفر هي الإيمان فلا يقال : التوبة بعد الإيمان كيف جاءت قبله .
وقيل : حيث كان المراد بالإيمان ماتدخل فيه الأعمال يكون بعد التوبة وقيل : المراد به هنا التصديق بأن الله تعالى يغفر للتائب أي ثم تابوا وصدقوا بأن الله تعالى يغفر لمن تاب إن ربك من بعدها أي من بعد التوبة المقرونة بما لاتقبل بدونه وهو الإيمان ولم يجعل الضمير للسيئات لأنه كما قال بعض المحققين لا حاجة له بعد قوله سبحانه : ثم تابوا من بعدها لا لأنه يحتاج إلى حذف مضاف ومعطوف من عملها والتوبة عنها لأنه لا معنى لكونه بعدها إلا ذلك لغفور لذنوبهم وإن عظمت وكثرت رحيم مبالغ في إفاضة فنون الرحمة عليهم والموصول مبتدأ وجملة إن ربك الخ خبر والعائد محذوف والتقدير عند أبي البقاءلغفور لهم رحيم بهم والتعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة لضميره E للتشريف وقيل : الخطاب للتائب ولا يخفى لطف ذلك أيضا وفي الآية إعلام بأن الذنوب وإن جلت وعظمت فإن عفو الله تعالى وكرمه أعظم وأجل وما ألطف قول أبي نواس غفر الله تعالى له : يارب إن عظمت ذنوبي كثرة فلقد علمت بأن عفوك أعظم إن كان لا يرجوك إلا محسن فبمن يلوذ ويستجير المجرم ومما ينسب للإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه : ولما قسى قلبي وضاقت مذاهبي جعلت الرجا ربي لعفوك سلما تعاظمني ذنبي فلما قرنته بعفوك ربي كان عفوك أعظما