أبو عمرو كما قال الجبائي بين الرشد والرشد بأن الرشد بالضم الصلاح في الامر والرشد بالفتح الإستقامة في الدين والمشهور عدم الفرق وإن يروا سبيل الغي أي طريق الضلال يتخذوه سبيلا أي يختارونه لأنفسهم مسلكا مستمرا لايكادون يعدلون عنه لموافقته لأهوائهم وإفضائه بهم إلى شهواتهم ذلك أي المذكور من التكبر وعدم الإيمان بشيء من الآيات وإعراضهم عن سبيل الهدى وإقبالهم التام إلى سبيل الضلال حاصل بأنهم أي بسبب أنهم كذبوا بأياتنا الدالة على بطلان مااتصفوا به من القبائح وعلى حقية أضدادها وكانوا عنها غافلين .
641 .
- غير معتدين بها فلا يتفكرون فيها وإلا لما فعلوا ما فعلوا من الأباطيل وجوز غير واحد أن يكون ذلك إشارة إلى الصرف وما فيه من البحث يدفع بأدنى عناية كما لايخفى على من مدت إليه العناية أسبابها وأيا ما كان فاسم الإشارة مبتدأ والجار والمجرور متعلق بمحذوف وقع خبرا عنه كما أشرنا إليه .
وقيل : محل اسم الإشارة النصب على المصدر أي سأصرفهم ذلك الصرف بسبب تكذيبهم بآياتنا وغفلتهم عنها ولا مانع من كون العامل أصرف المقدم لأن الفاصل ليس بأجنبي والذين كذبوا بأياتنا ولقاء الآخرة أي لقائهم الدار الآخرة على أنه المصدر إلى المفعول وحذف الفاعل أو لقائهم ما وعده الله تعالى في الآخرة من الجزاء على أن الإضافة إلى الظرف على التوسع والمفعول مقدر كالفاعل ومحل الموصول في الإحتمالين الرفع على الإبتداء وقوله تعالى : حبطت أعمالهم خبره أي ظهر بطلان أعمالهم التي كانوا عملوها من صلة الأرحام وإغاثة الملهوفين بعد ما كانت مرجوة النفع على تقدير إيمانهم بها وحاصله أنهم لاينتفعون بأعمالهم وإلا فهي أعراض لاتحبط حقيقة هل يجزون أي لايجزون يوم القيامة .
إلا ماكانوا يعملون .
561 .
- أي إلا جزاء مااستمروا على عمله من الكفر والمعاصي وتقدير هذا المضاف لظهور أن المجزي ليس نفس العمل وقيل : إن أعمالهم تظهر في صور مايجزون به فلا حاجة إلى التقدير وهذه الجملة مستأنفة وقيل : هي الخبر والجملة السابقة في موضع الحال بإضمار قد واحتجت الأشاعرة على ماقيل بهذه الآية على فساد قول أبي هاشم أن تارك الواجب يستحق العقاب وإن لم يصدر عنه فعل الضد لأنها دلت على أنه لا جزاء إلا على عمل وترك الواجب ليس به .
وأجاب أبو هاشم بأني لاأسمي ذلك العقاب جزاء ورد بأن الجزاء مايجزي أي يكفي في المنع عن المنهي عنه والحث على المأمور به والعقاب على ترك الواجب كاف في الزجر عن ذلك الترك فكان جزاء .
واتخذ قوم موسى من بعده أي من بعد ذهابه إلى الجبل لمناجاة ربه سبحانه من حليهم جمع على كثدي وثدي وهو ما يتخذ للزينة ويتحلى به من الذهب والفضة والجار والمجرور متعلق باتخذ كمن بعده من قبله ولا ضير في ذلك لإختلاف معنى الجارين فإن الأول للإبتداء والثاني للتبعيض وقيل : للإبتداء أيضا وتعلقه بالفعل بعد تعلق الأول به واعتباره معه وقيل : الجار الثاني متعلق بمحذوف وقع حالا مما بعده إذ لو تأخر لكان صفة له وإضافة الحلي إلى ضمير القوم لأدنى ملابسة لأنها كانت للقبط فاستعاروها منهم قبيل الغرق فبقيت في أيديهم