بالمعنى المعنى من أفعال الشروع ليس هذا إستعمالها المعهود في كلامهم على أن فيه بعد ما فيه ومثل هذا كون ضمير أحسنها عائدا إلى قوة على معنى مرهم يأخذوها بأحسن قوة وعزيمة فيكون أمرا منه سبحانه أن يأمرهم بأخذها كما أمره به ربه سبحانه إلا أنه تعالى اكتفى في أمره عن ذكر الأحسن بما أشار إليه التنوين فإن ذلك خلاف المأثور المنساق إلى الفهم مع أنا لم نجد في كلامهم أحسن قوة ومفعول يأخذوا عليه محذوف كما في بعض الإحتمالات السابقة غير أنه فرق ظاهر بين ما هنا وما هناك .
سأريكم دار الفاسقين .
541 .
- توكيد لأمر القوم بالأخذ بالأحسن وبعث عليه على نهج الوعيد والترهيب بناء على ماروي عن قتادة وعطية العوفي من أن المراد بدار الفاسقين دار فرعون وقومه بمصر ورأى بصرية وجوز أن تكون علمية والمفعول الثالث محذوف أي سأريكم إياها خاوية على عروشها لتعتبروا وتجدوا ولا تهاونوا في إمتثال الأمر ولا تعملوا أعمال أهلها ليحل بكم ما حل بهم وفيه إلتفات من الغيبة إلى الخطاب وحسن موقعه قصد الميالغة في الحث وفي وضع الإراءة موضع الإعتبار إقامة السبب مقام المسبب مبالغة أيضا كقوله تعالى : قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين وفي وضع دار الفاسقين موضع أرض مصر الإشعار بالعلية والتنبيه على أن يحترزوا ولا يستنوا بسنتهم من الفسق والسين للإستقبال لأن ذلك قبل الرجوع إلى مصر كما في الكشف .
وقال الكلبي : المراد بدار الفاسقين منازل عاد وثمود والقرون الذين هلكوا وعن الحسن وعطاء أن المراد بها جهنم وأيا ما كان فالكلام على النهج الأول أيضا ويجوز أن يكون على نهج الوعد والترغيب بناء على ماروي عن قتادة أيضا من أن المراد بدار الفاسقين أرض الجبابرة والعمالقة بالشام فإنها مما أبيح لبني إسرائيل وكتب لهم حسبما ينطق به قوله عزوجل : ياقوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ومعنى الإراءة الإدخال بطريق الإيراث ويؤيده قراءةبعضهم سأورثكم وجوز على هذا أن يراد بالدار مصر وفي الكلام على هذه القراءة وإرادة أرض مصر من الدار تغليب لأن المعنى سأورثك وقومك أرض مصر ولا يصح ذلك عليها إذا أريد من الدار أرض الجبابرة بناء على أن موسى عليه السلام لم يدخلها وإنما دخلها يوشع مع القوم بعد وفاته عليه السلام ويصح بناء على القول بأن موسى عليه السلام دخلها ويوشع على مقدمته وجوز إعتبار التغليب على القراءة المشهورة أيضا وقرأ الحسن سأوريكم بضم الهمزة وواو ساكنة وراء خفيفة مكسورة وهي لغة فاشية في الحجاز والمعنى سأبين لكم ذلك وأنوره على أنه من أوريت الزند واختار ابن جني في تخريج هذه القراءة ولعله الأظهر أنها على الإشباع كقوله : .
من حيثما سلكوا أدنو فأنظور .
سأصرف عن ءاياتي الذين يتكبرون في الأرض إستئناف مسوق على ماقال شيخ الإسلام لتحذيرهم عن التكبر الموجب لعدم التفكر في الآيات التي كتبت في ألواح التوراة المتضمنة للمواعظ والأحكام أو مايعمها وغيرها من الآيات التكوينية التي من جملتها ماوعدوا إرائته من دار الفاسقين ومعنى صرفهم عنها منعهم بالطبع على قلوبهم فلا يكادون يتفكرون فيها ولا يعتبرون بها لإصرارهم على ما هم عليه من التكبر والتجبر كقوله سبحانه : فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم أي سأطبع على قلوب الذين يعدون أنفسهم كبراء ويرون أن لهم إرتفاعا في العالم السفلي ومزية على الخلق فلا ينتفعون بآياتي ولا يغتنمون مغانم آثارها فلا تسلكوا مسلكهم فتكونوا