أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال في تفسير لن تراني : إنه لايكون ذلك أبدا لاحجة لهم فيه لأنه غير واف بمطلوبهم مع أن التأييد فيه بالنسبة إلى عدم تغير الحال كما يدل عليه الخبر المروي عنه سابقا وكذا مارواه عنه أبو الشيخ إذ فيه : ياموسى إنه لا يراني أحد فيحيا قال موسى : رب إن أراك ثم أموت أحب إلي من أن لاأراك ثم أحيا وما ذكره الزمخشري عن الأشياخ أنهم قالوا : إنه تعالى يرى بلا كيف هو المشهور .
ونقل المناوي أن الكمال بن الهمام سئل عما رواه الدارقطني وغيره عن أنس من قوله صلى الله عليه وسلّم رأيت ربي في أحسن صورة بناء على حمل الرؤية على الرؤية في اليقظة فأجاب بأن هذا حجاب الصورة انتهى وهو التجلي الصوري الشائع عند الصوفية ومنه عندهم تجلي الله تعالى في الشجرة لموسى عليه السلام وتجليه جل وعلا للخلق يوم يكشف عن ساق وهو سبحانه وإن تجلى بالصورة لكنه غير متقيد بها والله من ورائهم محيط والرؤية التي طلبها موسى عليه السلام غير هذه الرؤية وذكر بعضهم أن موسى كان يرى الله تعالى إلا أنه لم يعلم أن مرآه هو هو وعلى هذا الطراز يحمل ماجاء في بعض الروايات المطعون بها رأيت ربي في صورة شاب وفي بعضها زيادة له نعلان من ذهب ومن الناس من حمل الرؤية في رواية الدارقطني على الرؤية المنامية وظاهر كلام السيوطي أن الكيفية فيها لاتضر وهو الذي سمعته من المشايخ قدس الله تعالى أسرارهم والمسألة خلافية وإذا صح ماقاله المشايخ وأفهمه كلام السيوطي فأنا ولله تعالى الحمد قد رأيت ربي مناما ثلاث مرات وكانت الثالثة في السنة السادسة والأربعين والمائتين والألف بعد الهجرة رأيته جل شأنه وله من النور ماله متوجها جهة المشرق فكلمني بكلمات أنسيتها حين إستيقظت ورأيت مرة في منام طويل كأني في الجنة بين يديه تعالى وبيني وبينه ستر حييك بلؤلؤ مختلف ألوانه فأمر سبحانه أن يذهب بي إلى مقام عيسى عليه السلام ثم إلى مقام محمد صلى الله تعالى عليه وسلم فذهب بي إليهما فرأيت مارأيت ولله تعالى الفضل والمنة .
ومنهم من حمل الصورة على مابه التميز والمراد بها ذاته تعالى المخصوصة المنزهة عن مماثلة ماعداه من الأشياء البالغة إلى أقصى مراتب الكمال وماذكره من البيتين لبعض العدلية فهو في ذلك عثيثة تقرم جلدا أملسا والقول ماقاله تاج الدين السبكي فيهم : عجبا لقوم ظالمين تلقبوا بالعدل مافيهم لعمري معرفه قد جاءهم من حيث لايدرونه تعطيل ذات الله مع نفي الصفه وتلقبوا عدلية قلنا نعم عدلوا بربهم فحسبهم سفه وقال ابن المنير وجماعة كفروا برؤية ربهم هذا ووعد الله مالن يخلفه ولقبوا عدلية قلنا أجل عدلوا بربهم فحسبوهم سفه وتنعتوا الناجين كلا إنهم إن لم يكونوا في لظى فعلى شفه وبعد هذا كله نقول : إن الناس قد اختلفوا في أن موسى عليه السلام هل رأى ربه بعد هذا الطلب أم لا فذهب أكثر الجماعة إلى أنه عليه السلام لم يره لاقبل الصعق ولا بعده وقال الشيخ الأكبر قدس سره : إنه رآه بعد الصعق وكان الصعق موتا وذكر قدس سره أنه سأل موسى عن ذلك فأجابه بما ذكر والآية عندي