وتلحق خيل لا هوادة بينها وتشقى الرماح بالضياطرة الحمر وضعف بأن القلب سواء كان القلب الالفاظ بالتقديم والتأخير كخرق الثوب المسمار أم قلب المعنى فقط كما هنا إنما يفصح إذا تضمن نكتة كما في البيت وهي فيه الإشارة إلى كثرة الطعن حتى شقيت الرماح بهم لتكسرها بسبب ذلك وقد أفصح عن هذا المتنبي بقوله : والسيف يشقى كما تشقى الضلوع به وللسيوف كما للناس آجال وبأن بين الواجب ومن يجب عليه ملازمة فعبر عن لزومه للواجب بوجوبه على الواجب كما استفاض العكس وليس هو من الكناية الإيمائية كقول البحتري أو ما رأيت الجود ألقى رحله في آل طلحة ثم لم يتحول وقل ابن هانيء : فما جازه جود ولا حل دونه ولكن يسير الجود حيث يسير بل هو تجوز فيه مبالغة حسنة وبأن ذلك من الإغراق في الوصف بالصدق بأن يكون قد جعل قول الحق بمنزلة رجل يجب عليه شيء ثم جعل نفسه أي قابليته لقول الحق وقيامه به بمنزلة الواجب على قول الحق فيكون استعارة مكنية وتخييلية والمعنى أنا واجب على الحق أن يسعى في أن أكون قائله والناطق به فكيف يتصور مني الكذب واعترضه القطب الرازي وغيره بأنه إنما يتم لو كان هو حقيقا على قول الحق وليس كذلك بل على قوله الحق وجعل قوله الحق بحيث يجب عليه أن يسعى في أن يكون قائله لامعنى له .
وأجيب بأن مبنى ذلك على أن المصدر المؤول لابد من إضافته إلى ما كان مرفوعا به وليس بمسلم فإنه قد يقطع النظر عن ذلك .
وقد صرح بعض النحاة بأنه قد يكون نكرة نحو وما كان هذا القرآن أن يفترى أي إفتراء وههنا قد قطع النظر فيه عن الفاعل إذ المعنى حقيق على قول الحق وهو محصل مجموع الكلام فلا إشكال وذكر ابن مقسم في توجيه الآية على قراءة الجمهور وادعى أنه الأولى أن على أن لا أقول متعلق برسول إن قلنا بجواز إعمال الصفة إذا وصفت وإن لم نقل به وهو المشهور فهو متعلق بفعل يدل عليه أي أرسلت على أن لا أقول الخ والأولى عندي كون على بمعنى الباء ويؤيده قراءة أبي بأن لا أقول .
وقرأ عبدالله أن لا أقول بتقدير الجار وهو على أو الباء وقد تقدم يقدر على بباء مشددة وقوله سبحانه : قد جئتكم ببينة من ربكم إستئناف مقرر لما قبله ولم يكن هذا وما بعده من جواب فرعون إثر ماذكر ههنا بل بعد ما جرى بينهما من المحاورات التي قصها الله تعالى في غير ما موضع وقد طوى ذكرها هنا للإيجاز و من متعلقة إما بجئتكم على أنها الإبتداء الغاية مجازا وإما بمحذوف وقع صفة لبينة مفيدة لفخامتها الإضافية مؤكدة لفخامتها الذاتية المستفادة من التنوين التفخيمي كما مر غير مرة وإضافة اسم الرب إلى ضمير المخاطبين بعد إضافته فيما قبل إلى العالمين لتأكيد وجوب الإيمان بها وذكر الاسم الجليل الجامع في بيان كونه جديرا بقول الحق عليه سبحانه تهويلا لأمر الإفتراء عليه تعالى شأنه مع الإشارة إلى التعليل بما ليس وراءه غاية فأرسل معي بني اسرائيل .
501 .
- أي خلهم حتى يذهبوا معي إلى الأرض المقدسة التي