إلى الشام ونزل فلسطين وأنزل لوطا الاردن وهو كرة بالشام فارسله الله تعالى إلى أهل سدوم وهي بلدة بحمص .
وأخرج اسحق بن بشر وابن عساكر عن ابن عباس قال : أرسل لوط إلى المؤتفكات وكانت قرى لوط أربع مدائن سدوم وأمورا وعامورا وصبوير وكان في كل قرية مائة الف مقاتل وكانت أعظم مدائنهم سدوم وكان لوط يسكنها وهي من بلاد الشام ومن فلسطين مسيرة يوم وليلة وهذا اللفظ على ما قال الزجاج اسم اعجمي غير مشتق من لطت الحوض إذا الزقت عليه الطين ويقال : هذا الوط بقلبي من ذلك أي ألصق به ولاط الشيء أخفاه وقوله تعالى : إذ قال لقومه ظرف لارسلنا كما قال غير واحد واعترض بان الارسال قبل وقت القول لافيه كما تقتضيه هذ الظفية ودفع بانه يعتبر الظرف ممتدا كما يقال زيد في أرض الروم فهو ظرف غير حقيقي يعتبر وقوع المظروف في بعض اجزائه كما قرره القطب وجوز أن يكون لوطا منصوبا باذكر محذوفا فيكون في عطف القصة على القصة و إذا بدل من لوط بدل اشتمال بناء على أنها لاتلزم الظرفية وقال أبو البقاء : إنه ظرف الرسالة محذوفا أي واذكر رسالة لوط إذ قال أتأتون الفاحشة استفهام على سبيل التوبيخ والتقريع أي أتفعلون تلك الفعلة التي بلغت أقصى القبح وغايته ما سبقكم بها من أحد من العالمين .
8 .
- أي ما عملها أحد قبلكم في زمن من الأزمان فالباء للتعدية كما في الكشاف من قولك : سبقته بالكرة إذا ضربتها قبله ومنه ما صح من قوله صلى الله عليه وسلّم سبقك بها عكاشة وتعقبه أبو حيان بأن معنى التعدية هنا قلق جدا لأن الباء المعدية في الفعل المعدى إلى واحد تجعل المفعول الأول يفعل ذلك الفعل بما دخلت عليه الباء فهي كالهمزة فاذا قلت صككت الحجر بالحجر كان معناه أصككت الحجر الحجر أي جعلت الحجر يصك الحجر وكذلك دفعت زيدا بعمرو عن خالد معناه أدفعت زيدا عمرا عن خالد أي جعلت زيدا يدفع عمرا عن خالد فللمفعول الأول تأثير على الثاني ولا يصح هذا المعنى فيما ذكر الا بتكلف فالظاهر أن الباء للمصاحبة أي ما سبقكم أحد مصاحبا وملتبسا بها ودفع أن المعنى على التعدية ومعنى سبقته بالكرة أسبقت كرتي كرته لأن السبق بينهما لابين الشخصين أو الضربتين وكذا في الآية ومثله يفهم من غير تكلف وقال القطب الرازي : إن المعنى سبقت ضربه الكرة بضربي الكرة أي جعلت ضربي الكرة سابقا على ضربه الكرة ثم استظهر جعل الباء للظرفية لعدم احتياجه إلى ما يحتاجه جعلها للتعدية أي ما سبقكم في فعل الفاحشة أحد ولعل الأمر كما قال و من الأولى صلة لتأكيد النفي وافادة معنى الاستغراق والثانية للتبعيض والجملة مستأنفة استئنافا نحويا مسوقة لتأكيد النكير وتشديد التقريع والتوبيخ وجوز أن يكون بيانيا كأنه قيل : لم لانأتيها فقال : ما سبقكم بها أحد فلا تفعلوا مالم تسبقوا اليه من المنكرات لأنه أشد ولا يتوهم أن سبب إنكار الفاحشة كونها مخترعة ولولاه لما أنكرت إذ لا مجال له بعد كونها فاحشة ووجه كون هذ الجملة مؤكدة للنكير انها مؤذنة باختراع السوء ولاشك ان اختراعه اسوأ إد لا مجال للاعتذار عنه كما اعتذروا عن عبادتهم الاصنام مثلا بقولهم : إنا وجدنا آباءنا .
وجوز أبو البقاء كون الجملة في موضع الحال من المفعول أو الفاعل والنيسابوري جوز كونها صفة للفاحشة