تعالىتعالى من خيرها واستعيذوا بالله سبحانه من شرها ولا منافاة بين الآية وهذا الخبر إذ ليس فيها أنه سبحانه لايرسلها إلا بين يدي الرحمة ولئن سلم فهو خارج مجرى الغالب فان العذاب بالريح نادر وقيل : ما في الخبر إنما هو الايتاء بالرحمة والايتاء بالعذاب لا الارسال بين يدي كل حتى إذا أقلت غاية لقوله سبحانه يرسل والاقلال كما في جمع البيان حمل الشيء بأسره واشتقاقه من القلة وحقيقة أقله كما قال بعض المحققين جعله قليلا أو وجده قليلا والمراد ظنه كذلك كأكذبه إذا جهله كاذبا في زعمه ثم استعمل بمعنى حمله لأن الحامل يستقل ما يحمله أي يعده قليلا ومن ذلك قولهم : جهد المقل اي الحامل سحابا أي غيما سمي بذلك لانسحابه في الهواء وهو اسم جنس جمعي يفرق بينه وبين واحده بالتاء كتمر وتمرة وهو يذكر ويؤنث ويفرد وصفه ويجمع .
وأهل اللغة كالجوهري وغيره تسميه جمعا فلذا روعي فيه الوجهان في وصفه وضميره وجاء في الجمع سحب وسحائب ثقالا من الثقل كعنب ضد الخفة يقال : ثقل ككرم ثقلا وثقالة فهو ثقيل وثقل السحاب بما فيه من الماء سقناه لبلد ميت أي لأجله ومنفعته أو لاحيائه أو لسقيه كما قيل .
وفي البحر أن اللام للتبليغ كما في قلت لك وفرق بين سقت لك مالا وسقت لأجلك مالا بأن الأول معناه أوصلت لك ذلك وأبلغتكه والثاني لا يلزم منه وصوله اليه والبلد كما قال الليث كل موضع في الأرض عامر أو غير عامر خال أو مسكون والطائفة منه بلدة والجمع بلاد وتطلق البلدة على المفازة ومنه قول الاعشى : وبلدة مثل ظهر الترس موحشة للجن بالليل في حافاتها زجل فأنزلنا به الماء أي بالبلد أو السحاب كما قال الزجاج وابن الانباري أو بالسوق أو الرياح كما قيل والتذكير بتأويل المذكور وكذلك قوله تعالى فأخرجنا به ويحتمل أن يعود الضمير الى الماء وهو الظاهر لقربه لفظا ومعنى ومطابقة النظائر وانفكاك الضمائر لابأس به إذا قام الدليل عليه وحسن الملاءمة .
وإذا كان للبلد فالباء للظرفية في الثاني وللالصاق في الاول لأن الانزال ليس في البلد بل المنزل وجوز الظرفية أيضا كما في رميت الصيد في الحرم على ما علمت فيما مر وإذا كان لغيره فهي للسببية وتشمل القريبة والبعيدة .
من كل الثمرات أي من كل انواعها لأن الاستغراق غير مراد ولا واقع وهذا أبلغ في اظهار القدرة المارد وقيل : ان الاستغراق عرفي والظأهر أن المراد للتكثير وجوز بعضهم أن تكون من للتبعيض وأن تكون لتبيين الجنس كذلك نخرج الموتى اشارة إلى اخراج الثمرات أو إلى احياء البلد الميت أي كما نحييه باحداث القوى النامية فيه وتطريتها بانواع النبات والثمرات نخرج الموتى من الأرض ونحييها برد النفوس إلى مواد ابدانها بعد جمعها وتطريتها بالقوى والحواس كذا قالوا وهو اشارة كما قيل إلى طريقي القائلين بالمعاد الجسماني وهما ايجاد البدن بعد عدمه ثم احياؤه وضم بعض اجزائه الى بعض على النمط السابق بعد تفرقها ثم احياؤه .
واستظر الأول بأن المتبادر من الآية كون التشبيه بين الاخراجين من كتم العدم والثاني يحتاج الى تمحل تقدير الاحياء واعتبار جمع الاجزاء مع أنه غير معتبر في جانب المشبه به وجوز أن يرجع ما في الشق الثاني من الايحاء برد النفوس الخ الى الأول وأنت تعلم أنه لا مانع من الاخراج من كتم العدم وادلة