ومن باب الإشارة في الآيات ويا ءادم اسكن انت وزوجك أي النفس وسميت حواء لملازمتها الجسم الظلماني إد الحوة اللون الذي يغلب عليه السواد وبعضهم يجعل ءادم إشارة إلى القلب لأنه من الادمة وهي السمرة وهو لتعلقه بالجسم دون النفس سمي بذلك ولشرف ءادم عليه السلام وجه النداء اليه وزوجه تبع له في السكنى الجنة هي عندهم اشارة الى سماء عالم الأرواح التي هي روضة القدس فكلا من حيث شئتما لاحجر عليكما في تلقي المعاني والمعارف والحكم التي هي الاقوات القلبية والفواكه الروحانية ولا تقربا هذه الشجرة أي شجرة الطبيعة والهوى التي بحضرتكما فتكونا من الظالمين الواضعين النور في محل الظلمة أو الناقصين من نور استعدادكما وأول بعضهم الشجرة بشجرة المحبة المورقة بانواع المحنة أي لا تقرباها فتظلما أنفسكما لما فيها من احتراق أنانية المحب وفناء هويته في هوية المحبوب ثم قال : ان هذه الشجرة غرسها الرحمن بيده لآدم عليه السلام كما خمر طينته بيده لها فلم تك تصلح الا له ولم يك يصلح إلا لها وأن المنع كان تحريضا على تناولها فالمرء حريص على مامنع واختار هذا النيسابوري وتكلف في باقي الآية ما نكلف فان اردته فارجع اليه فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري من سوآتهما أي ليظهر لهما بالميل إلى شجرة الطبيعة ما حجب عنهما عند التجرد من الأمور الرذيلة التي هي عورات عند العقل وقال مانهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين أوهمهما أن في الاتصاف بالطبيعة الجسمانية لذاتا ملكية وخلودا فيها أو ملكا وياسة على القوى بغير زوال إن قريء ملكين بكسر اللام .
فدلاهما فنزلهما من غرف القدس إلى التعلق بها والركون اليها بغرور بما غرهما من كأس القسم المترعة من حميا ذكر الحبيب فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما والقليل منها بالنسبة اليهما كثير وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة اي يكتمان هاتيك السوآت والفواحش الطبيعية بالآداب الحسنة والعادات الجميلة التي هي من تفاريع الآراء العقلية ومستنبطات القوة العاقلة العلمية ويخفيانها بالحيل العملية وناداهما ربهما ألم أنهكما بما أودعت في عقولكما من الميل إلى التجرد وإدراك المعقولات عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين وذلك القول بما ألهم العقل من منافاة أحكام الوهم ومضاده مدركاته والوقوف على مخالفاته ومكابراته إياه قالا ربنا ظلمنا أنفسنا بالميل إلى جهة الطبيعة وانطفاء نورها وانكسار قوتها : وإن لم تغفر لنا بالباسنا الأنوار الروحانية وإفاضتها علينا وترحمنا بافاضة المعارف الحقيقية لنكونن من الخاسرين الذين أتلفوا الاستعداد الذي هو مادة السعادة وحرموا عن الكمال التجردي بملازمة النقص الطبيعي قال أهبطوا إلى الجهة السفلى التي هي العالم الجسماني بعضكم لبعض عدو لأن مطالب الجهة السفلية جزئية لا تحتمل الشركة فكلما حظي بها أحد حرم منها غيره فيقع بينهما العداوة والبغضاء بخلاف المطالب الكلية .
وجمع الخطاب لأنه في قوة خطاب النوع يا بني ءادم قد أنزلنا عليكم لباسا وهو لباس الشريعة يواري سوآتكم يستر قبائح أوصافكم وفواحش افعالكم بشعاره ودثاره وريشا زينة وجمالا في الظاهر والباطن تمتازون به عن سائر الحيوانات ولباس التقوى أي صفة الورع والحذر من صفات النفس ذلك خير من سائر أركان الشرائع والحمية رأس الدواء ويقال : لباس التقوى هو لباس القلب والروح والسر والخفي ولباس الأول