الباطل وضمير منها قيل للجنة وكونه من سكانها مشهور والمراد بها عند بعض الجنة التي يسكنها المؤمنون يوم القيامة وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنها روضة بعدن وفيها خلق آدم عليه السلام وكانت على نشز من الأرض في قول وأصل الهبوط الانحدار على سبيل القهر كما في هبوط الحجر وإذا استعمل في الانسان ونحوه فعلى سبيل الاستخفاف كما قاله الراغب .
ولم يشترط بعضهم فيه سوى الانتقال من شريف إلى مادونه لقوله تعالى : اهبطوا مصر والأمر عليه واضح وإن لم نقل : إن تلك الجنة كانت على نشز وقيل : الضمير لزمرة الملائكة أي اخرج من زمرة الملائكة المعززين فان الخروج من زمرتهم هبوط وأي هبوط وفي سورة الحجر فاخرج منها وقيل : الضمير للمساء واليه ذهب جماعة ورد بأن وسوته لآدم عليه السلام كانت بعد هذا الطرد فلابد أن يحمل على أحد الوجهين السابقين قطعا ويكون وسوسته على الوجه الأول بطريق النداء من باب الجنة كما روي عن الحسن البصري وأجيب بأنه يحتمل أن يكون المراد من ذلك الجنة أو زمرة الملائكة أيضا بناء على أن الأولى ومعضم الثانية في السماء أو يقال : إن القصة وقعت في الأرض وكانت الجنة فيها وبعد العصيان حجب اللعين من السماء التي هي مقره ومعبده ومعنى أمره بالخروج منها أمره بقطع علائقه عنها واتخاذها مأوى له بعد وهذا كما تقول لمن غصب دارك مثلا عند نحو القاضي : أخرج من داري مع أنه إذ ذاك ليس فيها تريد لا تدخلها واقطع علائقك عنها وقيل : الضمير للأرض .
فقد روي أنه أخرج منها إلى الجزائر وأم أن لا يدخلها إلا خفية ويبعده أنه لا يظهر للتخصيص في قوله تعالى : فما يكون لك أي فما يصح ولا يستقيم ولا يليق بشأنك أن تتكبر فيها على هذا وجه الا على بعد .
وأما على الأوجه السابقة فالوجه ظاهر وهو مزيد شرافة المخرج منه وعلو شأنه وتقدس ساحته ومن هنا يعلم أنه لادلالة في الآية على جواز التكبر في غير ذلك عند القائلين بالمفهوم والجملة تعليل للأمر بالهبوط ولا يخفى لطافة التعبير به دون الخروج في مقابلة قوله أنا خير منه خلقتني من نار المشير إلى ارتفاع عنصره وعلو محله والتكبر على ما قيل كالكبر وهو الحالة التي يختص بها الشخص من اعجابه بنفسه وذلك أن يرى نفسه أكبر من غيره وأعظم والمراد بالتكبر ههنا إما التكبر على الله تعالى وهو أعظ التكبر ويكون بالامتناع من قبول الخق والاذعان له بالعبادة .
وفسره بعضهم بالمعصية وإا التكبر على آدم عليه السلام بزعمه أنه خير منه وأكبر قدرا وقيل المراد ما هو أعم منه ومن التكبر على الملائكة حيث زعم أن له خصوصية ميزته عليهم وأخرجته من عمومهم وفيه تأمل وزعم البعض أن في الآية تنبيها على أن التكبر لا يليق بأهل الجنة فكما يمنع من القرار فيها يمنع من دخولها بعد ذلك وأنه تعالى إنما طرده لتكبره لا لمجرد عصيانه وهو ظأهر على أحد الاحتمالات كما لا يخفى والظرف إا متعلق بما عنده أو بمحذوف وقع حالا وقوله تعالى : فاخرج تأكيد للأمر بالهبوط متفرع عليه وقوله سبحانه : إنك من الصاغرين .
31 .
- تعليل للأمر بالخروج مشعر بأنه لتكبره أي إنك من أهل الصغار والهوان على الله تعالى وعلى أوليائه لتكبرك .
أخرج البيهقي في شعب الايمان عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم :