تحتمل العطف إما على مقدر أي بلغة فلا يكن في صدرك الخ وإما على ما قبله بتأويل الخبر بالانشاء أو عكسه أي تحقق أنزاله من الله تعالى اليك أولا ينبغي لك الحرج وتحتمل الجواب كأنه قيل : إذا أنزل اليك فلا يكن الخ .
وقال الفراء انها اعتراضية وقال بعض المشايخ هي لترتيب النهي أو الانتهاء على مضمون الجملة إن كان المراد لا يكن في صدرك شك ما في حقيته فانه مما يوجب انتفاء الشك فيما ذكر بالكلية وحصول اليقين به قطعا ولترتيب ما ذكر على الأخبار بذلك لا على نفسه إن كان المراد لا يكن فيه شك في كونه كتابا منزلا اليك وللترتيب على مضمون الجملة أو على الأخبار به إذا كان المراد لا يكن فيك ضيق صدر من تبليغه مخافة أن يكذبوك أو أن تقصر في القيام بحقه فان كلا منهما موجب للاقدام على التبليغ وزوال الخوف قطعا وان كان إيجاب الثاني بواسطة الأول ولا يخفى ما في أوسط هذه الشقوق من النظر فتدبر .
لتنذر به أي بالكتاب المنزل والفعل قيل اما منزل منزلة اللازم أو أنه حذف مفعوله لافادة العموم وقد يقال : إنه حذف المفعول لدلالة ما سيأتي عليه واللام متعلقة بأنزل عند الفراء وجملة النهي معترضة بين العلة ومعلولها وهو المعنى بما نقل عنه أنه على التقديم والتأخير قيل : وهذا مما ينبغي التنبيه له فان المتقدمين يجعلون الاعتراض على التقديم والتأخير لتخلله بين اجزاء كلام واحد وليس مرادهم أن في الكلام قلبا ووجه التوسيط اما أن الترتيب على نفس الانزال لا على الانزال للانذار وإما رعاية الاهتمام مع ما في ذلك على ما قيل من الاشارة إلى كفاية كل من الانزال والانذار في نفي الحرج أما كفاية الثاني فظاهرة لأن المخوف لا ينبغي أن يخاف من يخوفه ليتمكن من الانذار على ما يجب وأما كفاية الأول فلأن كون الكتاب البالغ غاية الكمال منزلا عليه E خاصة بين سائر إخوانه الانبياء عليه السلام يقتضي كونه رحيب الصدر غير مبال بالباطل وأهله وعن ابن الانباري أن اللام متعلقة بمتعلق الخبر أي لا يكن الحرج مستقرا في صدرك لأجل الانذار وقيل : إنها متعلقة بفعل النهي وهو الكون بناء على جواز تعلق الجار بكان الناقصة لدلالتها على الحدث الصحيح وقيل : يجوز أن يتعلق بحرج على معنى أن الحرج للانذار والضيق له لا ينبغي أن يكون وقال العلامة الثاني : إنه معمول للطلب أو المطلوب أعني إنتفاء الحرج وهذا أظهر لا للمنهي أي الفعل الداخل عليه النهي كما قيل لفساد المعنى وأطلق الزمخشري تعلقه بالنهي واعترض بأنه لا يتأتى على التفسير الأول للحرج لأن تعليل النهي عن الشك بما ذكر من الانذأر والتذكير مع إيهامه لامكان صدوره عنه صلى الله عليه وسلّم مشعر بان المنهي عنه ليس بمحذؤر لذاته بل لافضائه إلى فوات الانذار والتذكير لا أقل من الايذان بأن ذلك معظم غائلته ولا ريب في فساده وأما على التفسير الثاني فانما يتأتى التعليل بالانذار لا بتذكير المؤمنين إذ ليس فيه شائبة خوف حتى يجعل غاية لانتفائه وأنت خبير بان كون النهي عنه محذورا لذاته ظاهر ظهور نار القرى ليلا على علم فلا يكاد يتوهم نقيضه والقول بانه لا أقل من الايذان بأن ذلك معظم غائلته لا فساد فيه بناء على ما يقتضيه المقام وإن كان بعض غوائله في نفس الأمر أعظم من ذلك وأن الآية ليست نصا في تعليل النهي بالانذار والتذكير كما سيتضح لك قريبا إن شاء الله تعالى حتى يتأتى الاعتراض نظارا للتفسير الثاني سلمنا أنها نص لكنا نقول : لم يجوز أن يكون ذلك من قبيل قوله تعالى : إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك الآية وذكرى للمؤمنين .
2