مفرغ من اعم الأحوال أي لا تقتلوها في حال من الاحوال إلا حال ملابستكم بالحق الذي هو أمر الشرع بقتلها وذلك كما روي في الخبر بالكفر بعد الايمان والزنا بعد الاحصان وقتل النفس المعصومة أو من أعم الاسباب أي لا تقتلوها بسبب من الاسباب إلا بسبب الحق وهو مما في الخبر أو من أعم المصادر أي لا تقتلوها قتلا إلا قتلا كائنا بالحق وهو القتل بأحد المذكورات ذلكم أي ما ذكر من التكاليف الخمسة الجليلة الشأن من بين التكاليف الشرعية وصاكم به أي طلبه منكم طلبا مؤكدا والجملة الاسمية استئناف جيء به تجديدا للعهد وتأكيدا لايجاب المحافظة على ما كلفوه وقال الامام : جيء بها لتقريب القبول الى القلب لما فيها من اللطف والرحمة لعلكم تعقلون .
151 .
- أي تستعملون عقولكم التي تعقل نفوسكم وتحبسها عن مباشرة القبائح المحرمة .
ولا تقربوا مال اليتيم أي لا تتعرضوا له بوجه من الوجوه إلا بالتي هي أحسن أي بالفعلة التي هي أحسن ما يفعل بماله كحفظه وتثميره وقيل : المراد لا تقربوا ماله إلا وأنتم متصفون بالخصلة التي هي أحسن الخصال في مصلحته فمن لم يجد نفسه على أحسن الخصال ينبغي أن لا يقربه وفيه بعد والخطاب للأولياء والأوصياء لقوله تعالى : حتى يبلغ أشده فانه غاية لما يفهم من الاستثناء لا للنهي كأنه قيل : احفظوه حتى يبلغ فاذأ بلغ فسلموه اليه كما في قوله سبحانه : فان آنستم منهم رشدا فادفعوا اليهم أموالهم والأشد على ما قاله الفراء جمع لا واحد له وقال بعض البصريين : هو مفرد كأنك ولم يأت في المفردات على هذا الوزن غيرهما وقيل : هو جمع شدة كنعمة وأنعم وقدر فيه زيادة الهاء لكثرة جمع فعل على أفعل كقدح وأقدح .
وقال ابن الانباري : إنه جمع شد بضم الشين كود وأود وقيل جمع شد بفتحها وأياما كان فهو من الشدة أي القوة او الارتفاع من شد النهار إذا ارتفع ومنه قول عنترة : عهدي به شد النهار كأنما خضب ورأسه بالعظلم والمراد ببلوغ الأشد عند الشعبي وجماعة بلوغ الحلم وقيل : أن يبلغ ثماني عشرة سنة وقال السدي : أن يبلغ ثلاثين إلا أن الآية منسوخة بقوله تعالى : حتى إذا بلغوا النكاح وقيل : غير ذلك وقد تقدم الخلاف في زمن دفع مال اليتيم اليه وأشبعنا الكلام في تحقيق الحق في ذلك فتذكر وأوفوا أي اتموا الكيل أي المكيل فهو مصدر بمعنى اسم المفعول والميزان كذلك كما قال أبو البقاء وجوز أن يكون هناك مضاف محذوف أي مكيل الكيل وموزون الميزان بالقسط أي بالعدل وهو في موضع الحال من ضمير أوفوا أي مقسطين وقال أبو البقاء : يجوز أن يكون حالا من المفعول أي تاما ولعل الاتيان بهذه الحال للتأكيد .
وفي التفسير الكبير فان قيل : إيفاء الكيل والميزان هو عين القسط فما الفائدة من التكرير قلنا : أمر الله تعالى المعطي بايفاء ذي الحق حقه من غير نقصان وأمر صاحب الحق بأخذ حقه من غير طلب الزيادة فتدبر .
لانكلف نفسا إلا وسعها إلا ما يسعها ولا يعسر عليها والجملة مستأنفة جيء بها عقيب الأمر بايفاء الكيل والميزان بالعدل للترخيص فيما خرج عن الطاقة لما أن في مراعاة ذلك كما هو حرجا مع كثرة