الخيال فكذب الرسل وأشرك بالله D واعتمد على أنه انما يفعل ذلك بمشيئة الله تعالى ورام افحام الرسل بهذه الشبهة ثم بين سبحانه أنهم لا حجة لهم في ذلك وان الحجة البالغة له جل وعلا لا لهم ثم أوضح سبحانه ان كل واقع واقع بمشيئته وأنه لم يشأ منهم الا ما صدر عنهم وانه تعالى لو شاء منهم الهداية لاهتدوا أجمعون .
والمقصود من ذلك أن يتمحض وجه الرد عليهم ويتخلص عقيدة نفوذ المشيئة وعموم تعلقها بكل كائن عن الرد وينصرف الرد الى دعواهم سلب الاختيار لأنفسهم وان أقامتهم الحجة بذلك خاصة وإذا تدبرت الآية وجدت صدرها دافعا بصدور الجبرية وعجزها معجزا للمعتزلة إذ الأول مثبت أن للعبد اختيارا وقدرة على وجه يقطع حجته وعذره في المخالفة والعصيان والثاني مثبت نفوذ مشيئة الله تعالى في العبد وأن جميع أفعاله على وفق المشيئة الالهية وبذلك تقوم الحجة البالغة لأهل السنة على المعتزلة والحمد لله رب العالمين .
ووجه القطب الآية بأن مرادهم رد دعوة الأنبياء عليهم السلام على معنى أن الله تعالى شاء شركنا وأراده منا وأنتم تخالفون إرادته حيث تدعونا إلى الايمان فوبخهم سبحانه بوجوه عد منها قوله سبحانه : فلله الحجة البالغة فانه بتقدير الشرط أي إذا كان الأمر كما زعمتم فلله الحجة .
وقوله سبحانه : فلو شاء الخ بدل منه على سبيل البيان أي لو شاء لدل كلا منكم ومن مخالفيكم على دينه فلو كان الأمر كما تزعمون لكان الاسلام أيضا بالمشيئة فيجب أن لا تمنعوا المسلمين من الاسلام كما وجب بزعمكم أن لا يمنعكم الأنبياء عن الشرك فيلزمكم أن لا يكون بينكم وبين المسلمين مخالفة ومعاداة بل موافقة وموالاة ثم قال : وربما يوجه هذا الاحتجاج بأن ما خالف مذهبكم من النحل يجب أن يكون عندكم حقا لأنه بمشيئة الله تعالى فيلزم تصحيح الأديان المتناقضة وفيه منع لأن الصحة إنما تكون بالجريان على منهج الشرع ولا يلزم من تعليق مشيئته تعالى بشيء جريان ذلك عليه ولا يخفى أن التوجيه الأول كهذا التوجيه لا يخلوا عن دغدغة فتدبر قل هلم شهداءكم أي احضروهم للشهادة وهو اسم فعل لا يتصرف عند أهل الحجاز وفعل يؤنث ويثنى ويجمع عند بني تميم وهو مبني على ما اشتهر من أن ما ذكر من خصائص الأفعال .
وعن أبي علي الفارسي أن الضمائر قد تتصل بالكلمة وهي حرف كليس أو اسم فعل كهات لمناسبتها للافعال وعلى هذا تكون هلم اسم فعل مطلقا كما في شرح التسهيل وعليه الرضى حيث قال : وبنو تميم يصرفونه فيذكرونه ويؤنثونه ويجمعونه نظرا إلى أصله وأصله عند البصريين هالم من لم إذا قصد حذفت الألف لتقدير السكون في اللام لأن أصله المم وعند الكوفيين هل أم فنقلت ضمة الهمزة إلى اللام وحذفت كما هو القياس واستبعد بأن هل لا تدخل الأمر ودفع بما نقله الرضى عنهم من أن أصل هل أم هلا أم وهلا كلمة استعجال بمعنى اسرع فغير إلى هل لتخفيف التركيب ثم فعل به ما فعل ويكون متعديا بمعنى أحضر وائت ولازمابمعنى أقبل كما في قوله تعالى : هلم إلينا الذين يشهدون أن الله حرم هذا وهم كبراؤهم الذين أسسوا ضلالهم والمقصود من احضارهم تفضيحهم والزامهم واظهار أن لا متمسك لهم كمقلديهم ولذلك قيد الشهداء بالاضافة ووصفوا بما يدل على أنهم شهداء معرفون بالشهادة لهم وبنصر مذهبهم وهذا إشارة إلى ما حرموه من الانعام على ما حكته الآيات السابقة