فيمافيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة وإنكم لا تطعمونه أن تدبغوه تنتفعوا به .
واستدل الشافعية بقوله سبحانه : فانه رجس على نجاسة الخنزير بناء على عود الضمير على خنزير لأنه أقرب مذكور وعلى الذين هادوا أي اليهود خاصة لا على من عداهم من الأولين والآخرين حرما كل ذي ظفر أي ليس منفرج الاصابع كالابل والنعام والأوز والبط قاله ابن عباس وابن جرير وقتادة ومجاهد والسدي وعن ابن زيد أنه الأبل فقط وقال الجبائي : يدخل فيه كل السباع والكلاب والسنانير وما يصطاد بظفره وعن القتبي والبلخي أنه ذو المخلب من الطير وذو الحافر من الدواب وسمي الحافر ظفرا مجازا واستبعد ذلك الامام ولعل المسبب عن الظلم هو تعميم التحريم لأن البعض كان حراما قبله .
ويحتمل أن يراد كل ذي ظفر حلال بقرينة حرما وهذا كما قيل تحقيق لما سلف من حصر المحرمات فيما فصل بابطال ما يخالفه من فرية اليهود وتكذيبهم في ذلك فانهم كانوا يقولون : لسنا أول من حرمت عليه وإنما كانت محمرة على نوح وابراهيم ومن بعدها عليهم السلام حتى انتهى التحريم وقال بعض المحققين : إن ذلك تتميم لما قبله لأن فيه رفع أنه تعالى حرم على اليهود جميع هذه الأمور فكذلك حرم البحيرة والسائبة ونحوهما بأن ذلك كان على اليهود خاصة غضبا عليهم : وقرأ الحسن ظفر بكسر الظاء وسكون الفاء وقرأ أبو السماك بكسرهما وقريء كما قال أبو البقاء ظفر بضم الظأء وسكون الفاء .
ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما لا لحومهما فانها باقية على الحل والمراد بالشحوم ما يكون على الامعاء والكرش من الشحم الرقيق وشحوم الكلي وقيل : هو عام استثني منه ما سيأتي و من البقر متعلق بحرمنا بعده وكان يكفي حينئذ أن يقال : الشحوم لكنه أضيف لزيادة الربط والتأكيد كما يقال : أخذت من زيد ماله وهو متعارف في كلامهم وجوز أبو البقاء وظأهر صنيعه اختياره مع أنه خلاف الظأهر أن من البقر عطف على كل ذي ظفر على معنى وبعض البقر وجعل حرمنا عليهم شحومهما تبيينا للمحرم من ذلك وحينئذ الاضافة للربط المحتاج اليه .
إلا ما حملت ظهورهما أي ما علق بظهورهما والاستثناء منقطع أو متصل من الشحوم وإلى الانقطاع ذهب الاما الأعظ رضي الله تعالى عنه فقد نقل عنه لو حلف لا يأكل شحما سحنث بشحم البطن فقط وخالفه في ذلك صاحباه فقالا يحنث بشحم الظهر أيضا لأنه شحم وفيه خاصية الذوب بالنار وأيد ذلك بهذأ الاستثناء بناء على أن الأصل فيه الاتصال وللامام رضي الله تعالىعنه أنه لحم حقيقة لأنه ينشأ من الدم ويستعمل كاللحم في اتخاذ الطعام والقلايا ويؤكل كاللحم ولا يفعل ذلك بالشحم ولهذا يحنث بأكله لو حلف لا يأكل لحما وبائعه يسمى لحاما لا شحاما والاتصال وإن كان أصلا في الاستثناء إلا أن هنا ما يدل على الانقطاع وهو قوله تعالى أو الحوايا فانه عطف على المستثنى وليس بشحم بل هو بمعنى المباعر كما روي عن ابن عباس ومجاهد وغيرهما أو المرابض وهي نبات اللبن كما روي عن ابن زيد أو المصارين والامعاء كما قال غير واحد من أهل اللغة وللقائل بالاتصال أن يقول العطف على تقدير مضاف أي شحوم الحوايا أو يؤول ذلك بما حمله الحوايا من شحم على أنه يجوز أن يفسر الحوايا بما اشتملت عليه الامعاء لأنه من حواء بمعنى اشتمل عليه فيطلق على الشحم الملتف