روي عن الضحاك والسدي وقد روي أن أهل الجاهلية كانوا يرون أن الزنا إذا ظهر كان إثما وإذا استسر به صاحبه فلا اثم فيه .
قال الطيبي وهو على هذا الوجه مقصود بالعطف مسبب عن عدم الاتباع وعلى الأول معترض توكيدا لقوله سبحانه : فكلوا أولا ولا تأكلوا ثانيا وهو الوجه ولعل الأمر على الوجه الذي قبله مثله .
إن الذين يكسبون الاثم أي يعملون المعاصي التي فيها الاثم ويرتكبون القبائح الظاهرة أو الباطنة سيجزون بما كانوا يقترفون .
21 .
- أي يكسبون الاثم كائنا ما كان فلابد من اجتناب ذلك والجملة تعليل للامر ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه أي من الحيوان كما هو المتبادر والآية ظاهرة في تحريم متروك التسمية عمدا كان أو نسيانا واليه ذهب داود .
وعن أحمد والحسن وابن سيرين والجبائي مثله وقال الشافعي بخلافه لما لما رواه أبو داود وعبد بن حميد عن راشد بن سعد مرسلا ذبيحة المسلم حلال ذكر اسم الله تعالى أو لم يذكر وعن مالك وهي الرواية المعولعليها عند أئمة مذهبه ان متروك التسمية عمدا لا يؤكل سواء كان تهاونا أو غير تهاون ولأشهب قول شاذ بجواز غير المتهاون في ترك التسمية عليه وزعم بعضهم أن مذهب مالك كمذهب الشافعي وآخرون أنه كمذهب داود ومن معه وما ذكر هو الموجود في كتب المالكية وأهل مكة أدري بشعابها ومذهب الامام أبي حنيفة Bه التفرقة بين العمد والنسيان كالصحيح من مذهب مالك قال العلامة الثاني : إن الناسي على مذهب الامام الأعظم رضي الله تعالى عنه ليس بتارك للتسمية بل هي في قلبه على ما روي أنه صلى الله عليه وسلّم سئل عن متروك التسمية ناسيا فقال E : كلوه فان تسميتة الله تعالى في قلب كل مسلم ولم يلحق به العامد إلا لامتناع تخصيص الكتاب بالقياس وإن كان منصوص العلة وإما لأنه ترك التسمية عمدا فكأنه نفى ما في قلبه وأعترض بأن تخصيص العام الذي خص منه البعض جائز بالقياس المنصوص العلة وفاقا وبانا لا نسلم أن التارك عمدا بمنزلة النافي لما في قلبه ربما يكون لوثوقه بذلك وعدم افتقاره لذكره ثم قال : فذهبوا إلى أن الناسي خارج بقوله تعالى : وانه لفسق إذ الضمير عائد إلى المصدر المأخوذ من مضمون لم يذكر اسم الله عليه وهو الترك لكونه الأقرب ومعلوم أن الترك نسيانا ليس بفسق لعدم تكليف الناسي والمؤاخذة عليه فيتعين العمد .
وأعترض ما ذكر بأن كون ذلك فسقا لا سيما على وجه التحقيق والتأكيد خلاف الظاهر ولم يذهب اليه أحد ولا يلائم قوله تعالى : أو فسقا أهل لغير الله به مع أن القرآن يفسر بعضه بعضا سيما في حكم واحد وبان مالم يذكر اسم الله عليه يتناول الميتة مع القطع بان ترك التسمية عليها ليس بفسق وبعضهم أرجع الضمير إلى ما بمعنى الذبيحة وجعلها عين الفسق على سبيل المبالغة لكن لابد من ملاحظة كونها متروكة التسمية عمداإذ لافسق في النسيان وحينئذ لا يصح الحمل أيضا ومما تقدم يعلم ما فيه وذكر العلامة للشافعية في دعوى حل متروك التسمية عمدا أو نسيانا وحرمة ما ذبح على النصب أو مات حتف أنفه وجوها الأول ان التسمية على ذكر المؤمن وفي قلبه ما دام مؤمنا فلا يتحقق منه عدم الذكر فلا يحرم من ذبيحته إلا ما أهل به لغير الله تعالى