غرضناغرضنا هنا سوى تحقيق أن عدم إيمان الكفار إنما هو لسوء استعدادهم الأزلي الغير المجعول المتبوع للعلم المتبوع للارادة لعلم منه ما في كلام الشهاب وغيره وقد حصل ذلك بتوفيقه تعالى عند من تأمل وأنصف .
إلا أن يشاء الله استثناء من أعم الأحوال فان لوحظ أن جميع أحوالهم شاملة لحال تعلق المشيئة بهم فهو متصل وإن لم يلاحظ لأن حال المشيئة ليس من أحوالهم كان منقطعا أي لكن إن شاء الله تعالى آمنوا واستبعده أبو حيان وقيل : هو استثناء من أعم الأزمان وهو خلاف الظأهر والالتفات إلى الأسم الجليل لتربية المهابة وادخال الروعة أي ما كانوا ليؤمنوا بعد أجتماع ما ذكر من الأمور الموجبة للايمان في حال من الأحوال إلا في حال مشيئته تعالى إيمانهم والمراد بيان استحالة وقوع إيمانهم بناء على إستحالة وقوع المشيئة كما يدل عليه السباق واللحق ولكن أكثرهم يجهلون .
111 .
- استثناء من مضمون الشرطية بعد ورود الاستثناء وضمير الجمع للمسلمين أو للمقسمين والمعنى أن حالهم كما شرح ولكن أكثر المسلمين يجهلون عدم ايمانهم عند مجيء الآيات لجهلهم عدم مشيئته تعالى لايمانهم حينئذ فيقسمون بالله تعالى جهد ايمانهم على ما لايكاد يوجد أصلا فالجملة على الأول كما قال بعض المحققين مقررة لمضمون قوله تعالى وما يشعركم الخ على القراءة المشهورة وعلى الثاني بيان لمنشأ خطأ المقسمين ومناط اقسامهم على تلك القراءة أيضا وتقرير له على قراءة لاتؤمنون بالفوقانية وكذا على قراءة وما يشعرهم انها إذا جاءت لا يومنون واستدل أهل السنة بالآية على أن الله تعالى يشاء من الكافر كفره وقرر ذلك بأنه سبحانه لما ذكر أنهم لا يؤمنون إلا أن يشاء الله تعالى ايمانهم دل على أنه جل شأنه ما شاء ايمانهم بل كفرهم .
وأجاب عنه المعتزلة بأن المراد إلا أن يشاء مشيئة قسر وأكراه وعدم ايمانهم يستلزم عدم المشيئة القسرية وهي لا تستلزم عدم المشيئة مطلقا واستدل بها الجبائي على حدوث مشيئته تعالى والا يلزم قدم ما دل الحس على حدوثه وأهل السنة تفصوا عن ذلك بدعوى أن تعلقها باحداث ذلك المحدث في الحال اضافة حادثة فتأمل جميع ذلك : وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا كلام مبتدأ مسوق لتسلية رسول الله صلى الله عليه وسلّم عما يشاهده من عدواة قريش وما بنوا عليها من الأقاويل والافاعيل وذلك إشارة إلى ما يفهم مما تقدم والكاف في موضع نصب على أنه نعت لمصدر مؤكد لما بعده والتقديم للقصر المفيد للمبالغة وعدوا بمعنى أعداء كما في قوله : إذا أنا لم أنفع صديقي بوده فان عدوي لم يضرهم بغضي أي مثل ذلك الجعل في حقك حيث جعلنا لك أعداء أيضا دونك ولا يؤمنون ويبغونك الغوائل ويجهدون في ابطال أمرك جعلنا لكل نبي تقدمك فعلوا معهم نحو ما فعل معك أعداؤك لا جعلا أنقص منه .
وجعله الامام علي على هذا الوجه عطفا على معنى ما تقدم من الكلام ولعله ليس المراد منه العطف الاصطلاحي وجوز أن يكون مرتبطا بقوله سبحانه : وكذلك زينا لكل أمة عملهم أي كما فعلنا ذلك جعلنا لكل نبي وفيه بعد .
وايا ما كان فالآية ظاهرة فيما ذهب اليه أهل السنة من أنه تعالى خالق الشر كما أنه خالق الخير وحملها على أن المراد بها وكما خلينا بينك وبين أعدائك كذلك فعلنا بمن قبلك من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وأعدائهم