القسم يجوز فتحها ولا يخفى بعده وقرأ ابن كثير وابو عمرو وأبو بكر بن عاصم ويعقوب أنها بالكسر على الاستئناف حسبما سيق من زيادة تحقيق لعدم ايمانهم قال في الكشف : وهو على جواب سؤال مقدر على ماذ : ره الشيخ ابن الحاجب كأنه قيل لم وبخوا فقيل لأنها جاءت لايؤمنون ولك أن تبنيه على قوله تعالى : وما يشعركم أي بما يكون منهم فانه إبرار في معرض المحتمل كأنه قد سأل عنه سؤال شاك ثم علل بانها إذا جاءت جزما بالطرف المحالف وبيانا لكون الاستفهام غير جار على الحقيقة وفيه أنكار لتصديق المؤمنين على وجه يتضمن انكار صدق المشركين في المقسم عليه وهذا نوع من السحر البياني لطيف المسلك أنتهى .
وقرأ ابن عامر وحمزة لاتؤمنون بالفوقانية والخطاب حينئذ في الآية للمشركين بلا خلاف وقريء وما يشعركم أنها إذا جاءتهم لا يؤمنون فمرجع الانكار اقدام المشركين على الحلف المذكور مع جهلهم بحال قلوبهم عند مجيء ذلك وبكونها حينئد كما هي الآن وقريء وما يشعركم سبكون خالص واختلاس وضمير بها على سائر القراءات راجع للآية لا للآيات لأن عدم إيمانهم عند مجيء ما اقترحوه أبلغ في الذم كما أن استعمال إدا مع الماضي دون أن مع المستقبل لزيادة التشنيع عليهم وزعم بعضهم أن عودة للآيات أولى لقربه مع ما فيه من زيادة المبالغة في بعدهم عن الايمان وبلوغهم في العناد غاية الامكان ونقلب أفئدتهم وأبصارهم عطف على لايؤمنون داخل معه في حكم وما يشعركم مقيد بما قيد به أي وما يشعركم أنا نقلب أفئدتهمعن إدراك الحق فلا يدركونه وأبصارهم عن إجتلائه فلا يبصرونه وهذا على ما قال الامام تقرير لما في الآية الأولى من أنهم لا يؤمنون وذكر شيخ الاسلام أن هذا التقليب ليس من توجه الأفئدة والأبصار إلى الحق واستعدادها له بل لكمال نبوها عنه وإعراضها بالكلية ولذلك أخر ذكره عن ذكر عدم إيمانهم إشعارا باصالتهم في الكفر وحسما لتوهم أن عدم ايمانهم ناشيء من تقليبه تعالى مشاعرهم بطريق الاجبار وتحقيقه على ما ذكره شيخ مشايخنا الكوراني أنه سبحانه حيث علم في الأزل سوء استعدادهم المخبوء في ماهياتهم أفاض عليهم ما يقتضيه وفعل بهم ما سألوه بلسان الاستعداد بعد أن رغبهم ورهبهم وأقام الحجة وأوضح المحجة ولله تعالى الحجة البالغة وما ظلمهم الله سبحانه ولكن كانوا هو الظالمين كما لم يؤمنوا به اي بما جاء من الآيات بالله تعالى وقيل : بالقرآن وقيل : بمحمد صلى الله عليه وسلّم وإن لم يجر لذلك ذكر وقيل : بالتقليب وهو كما ترى .
أول مرة أي عند ورود الآيات السابقة والكاف في موضع النعت لمصدر منصوب بلا يؤمنون وما مصدرية أي لا يؤمنون بل يكفرون كفرا كائنا ككفرهم أول مرة وتوسيط تقليب الأفئدة والأبصار لأنه من متممات عدم إيمانهم وقال أبو البقاء : أن الكاف نعت لمصدر محذوف أي تقليبا ككفرهم أي عقوبة مساوية لمعصيتهم أول مرة ولا يخفى ما فيه والآية ظاهرة في أن الأيمان والكفر بقضاء الله تعالى وقدره .
وأجاب الكعبي عنها بأن المراد من ونقلب الخ أنا لا نفعل بهم ما نفعله بالمؤمنين من الفوائد والألطاف من حيث أخرجوا أنفسهم عن هذا الحد بسبب كفرهم والقاضي بأن المراد ونقلب أفئدتهم وأبصارهم في الآيات التي ظهرت فلا نجدهم يؤمنون بها آخرا كما لم يؤمنوا بها أولا والجبائي بأن المراد ونقلب أفئدتهم وأبصارهم في جهنم على لهب النار وجمرها لنعذبهم كما لم يؤمنوا به أول مرة في الدنيا والكل كسراب بقيعة