وبعضه مما لم يقم الدليل عليه ولم يشهد بصحته الشرع لكن مشاهدة من على الجبل ما ذكر ونحوها يستدعي صحة قولهم في الجملة ولا أرى فيه بأسا وروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال : ما من قطرة تنزل الا ومعها ملك وهو عند الكثير محمول على ظاهره والفلاسفة يحملون هذا الملك على الطبيعة الحالة في تلك الجسمية الموجبة لذلك النزول وقيل : هو نور مجرد عن المادة قائم بنفسه مدبر للقطر حافظ إياه ويثبت افلاطون هذا النور المجرد لكل نوع من الافلاك والكواكب والبسائط العنصرية ومركباتها على ماذهب إليه صاحب الاشراق وهو أحد الأقوال في المثل الافلاطونية ويشير إلى نحو ذلك كلام الشيخ صدر الدين القونوي في تفسير الفاتحة ونصب ماء على المفعولية لانزل وتقديم المفعول به غير الصريح عليه لما مر مرارا فأخرجنا به أي بسبب الماء والفاء للتعقيب وتعقيب كل شيء بحسبه و 0 أخرجنا عطف على أنزل والالتفات الى التكلم إظهار لكمال العناية بشأن ما أنزل الماء لأجله وذكر بعضهم نكتة خاصة لهذا الالتفات غير ماذكر وهي أنه سبحانه لما ذكر فيما مضى ما ينبهك على انه الخالق اقتضى ذلك التوجه اليه حتى يخاطب واختيار ضمير العظة دون ضمير المتكلم وحده لاظهار كمال العناية أي فأخرجنا بعظمتنا بذلك الماء مع وحدته نبات كل شيء أي كل صنف من أصناف النبات المختلفة في الكم والكيف والخواص والآثار اختلافا متفاوتا في مراتب الزيادة والنقصان حسبمان يفصح عنه قوله سبحانه : يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل والنبات كالنبت وهو على ما قاله الراغب ما يخرج منالأرض من الناميات سواء كان له ساق كالشجر أو لم يكن له ساق كالنجم لكن اختص في التعارف بما لا ساق له بل قد اختص عند العامة بما تأكله الحيوانات ومتى اعتبرت الحقائق فانه يستعمل في كل نام نباتا كان أو حيوانا أو إنسانا والمراد هنا عند بعض المعنى الأول وجعل قوله تعالى : فأخرجنا منه خضرا شروعا في تفصيل ما أجمل من الاخراج وقد بدأ بتفصيل حال النجم وضمير منه للنبات والخضر بمعنى الأخضر كأعور وعور وأكثر ما يستعمل الخضر فيما تكون خضرته خلقية وأصل الخضرة لون بين البياض والسواد وهو الى السواد أقرب ولذا يسمى الأخضر أسود وبالعكس والمعنى فأخرجنا من النبات الذي لا ساق له شيئا غضا أخضر وهو ما تشعب من أصل النبات الخارج من الحبة وجوز عود الضمير الى الماء ومن سببية وجعل أبو البقاء هذا الكلام حينئذ بدلا من أخرجنا الأول وذكر بعض المحققين أن في الآية على تقدير عود الضمير إلى الماء معنى بديعا حيث تضمنت الاشارة إلى أنه تعالى أخرج من الماء الحلو الأبيض في رأي العين أصنافا من النبات والثمار مختلفة الطعوم والألوان والى ذلك نظر القائل يصف المطر : يمد على الافاق بيض خيوطه فينسج منها للثرى حوله خضرا وقوله تعالى : نخرج منه صفة لخضر وصيغة المضارع لاستحضار الصورة بما فيها من الغرابة وجوز أن يكون مستأنفا أي نخرج من ذلك الخضر حبا متراكبا أي بعضه فوق بعض كما في السنبل وقريء يخرج منه حب متراكب ومن النخل جمع نخل كما قال الراغب والنخل معروف ويستعمل في