وقرأ باقي السبعة بينكم بالرفع على الفاعلية وهو من الأضداد كالقرء يستعمل في الوصل والفصل والمراد به هنا الوصل أي تقطع وصلكم وتفرق جمعكم وطعن ابن عطية في هدا بأنه لم يسمع من العرب أن البين يمعنى الوصل وإنما انتزع من هذه الآية وأجيب بأنه معنى مجازي ولا يتوقف على السماع لأن بين م يستعمل بين الشيئين المتلابسين نحو بيني وبينك رحم وصداقة وشركة فصار لذلك بمعنى الوصلة على أنه لو قيل بأنه حقيقة في ذلك لم يبعد فان أبا عمرو وأبا عبيدة وابن جني والزجاج وغيرهم من أئمة اللغة نقلوه وكفى بهم سندا فيه فكونه منتزعا من هذه الآية غير مسلم وعليه فيكون مصدرا لا ظرفا وقيل إن بين هنا ظرف لكنه أسند إليه الفعل على سبيل الاتساع .
وقرأ عبد الله لقد تقطع بينكم وما فيه موصوفة أو موصولة وضل عنكم وضاع وبطل ما كنتم تزعمون .
49 .
- أنها شفعاؤكم أو أنها شركاء لله تعالى فيكم أو أن لا بعث ولا جزاء .
إن الله فالق الحب والنوى شروع في تقرير بعض افاعيله تعالى العجيبة الدالة على كمال علمه تعالى وقدرته ولطيف صنعه وحكمته إثر تقرير أدلة التوحيد وفي ذلك تنبيه على أن المقصود من جميع المباحث العقلية والنقلية وكل المطالب الحكمية إنما هو معرفة الله تعالى بذاته وصفاته وأفعاله سبحانه والفالق الموجد والمبدع كما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما والضحاك والحب معلوم والنوى جمع نواة التمر كما في القاموس وغيره يؤنث ويذكر ويجمع على أنواء ونوى بضم النون وكسرها وفسره الامام بالشيء الموجود في داخل الثمرة بالمثلثة أعم من التمر بالمثناة وغيره والمشهور أن النوى إذا إطلق فالمراد منه ما في القاموس وإذا أريد عيره قيد فيقال : نوى الخوخ ونوى الاجاص ونحو ذلك وأصل الفلق الشق وكان إطلاق الفالق على الموجد باعتبار أن العقل يتصور من العدم ظلمة متصلة لا انفراج فيها ولا انفلاق فمتى أوجد الشيء تخيل الذهن أنه شق ذلك العدم وفلقه وأخرج ذلك المبدع منه وعن الحسن وقتادة والسدي أن المعنى شاق الحبة اليابسة ومخرج النبات منها وشاق النواة ومخرج النخل والشجر منها وعليه أكثر المفسرين ولعله الأولى .
وفي ذلك دلالة على كمال القدرة لما فيه من العجائب التي تصدح اطيارها على أفنان الحكم وتطفح أنهارها في رياض الكرم وعن مجاهد وأبي مالك أن المراد بالفلق الشق الذي بالحبوب وبالنوى أي أنه سبحانه خالقهما كذلك كما في قولك : ضيق فم الركية ووسع أسفلها وضعف بأنه لا دلالة له على كمال القدرة كما في سابقه .
يخرج الحي من الميت أي يخرج ما ينمو من الحيوان والنبات والشجر مما لا ينموا من النطفة والحب والنوى والجملة مستأنفة مبينة مبينة لما قبلها على ما عليه الأكثر ولذلك ترك العطف وقيل : خبر ثان ولم يعطف للايذان باستقلاله في الدلالة على عظة الله تعالى ومخرج الميت كالنطفة وأخويها من الحي كالحيوان وأخويه وهذا عند بعض عطف على فالق لا على يخرج الحي الخ لأنه كما علمت بيان لما قبله وهذا لا يصلح للبيان وأن صح عطف الأسم المشتق على الفعل وعكسه .
واختار ابن المنير كونه معطوفا على يخرج قال وقد وردا جميعا بصيغة المضارع كثيرا وهو دليل على أنهما توأمان مقترنان وهو يبعد القطع فالوجه والله تعالى أعلم أن يقال : كان الأصل أن يؤتى بصيغة اسم