يمن عليكم بالفناء ثم أنتم بعد علمكم بقدرته تعالى على ذلك تشركون به أنفسكم وأهواءكم فتعبدونها قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم بأن يحجبكم عن النظر في الملكوت أو بأن يقهركم باحتجابكم بالمعقولات والحجب الروحانية أو من تحت أرجلكم بأن لا يسهل عليكم القيام على باب الربوبية بنعت الخذمة وطلب الوصلة أو بأن يحجبكم بالحجب الطبيعية أو يلبسكم شيعا فرقا مختلفة كل فرقة على دين قوة من القوى تقابل الفرقة الاخرى أو يجعل أنفسكم مختلفة العقائد كل فرقة على دين دجال ويذيق بعضكم بأس بعض بالمنازعات والمجادلات حسبما يقتضيه الاختلاف لكل نبأ أي ما ينبا عنه مستقر أي محل وقوع واستقرار وسوف تعلمون حين يكشف عنكم حجب أبدانكم وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا باظهار صفات نفوسهم واثبات العلم والقدرة لها فاعرض عنهم لأنهم محجوبون مشركون وما على الذين يتقون وهم المتجردون عن صفاتهم من حسابهم أي من حساب هؤلاء المحجوبين من شيء ولكن ذكرى أي فليذكروهم بالزجر والردع لعلهم يتقون يحترزون عن الخوض .
وجوز أن يكون المعنى أن المتجردين لا يحتجبون مخالطة المحجوبين ولكن ذكرناهم لعلهم يزيدون في التقوى وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا لهوا أي اترك الذين عادتهم اللعب واللهو الخ فانهم قد حجبوا بما رسخ فيهم من سماع الانذار وتأثيره فيهم وذكر به أي بالقرءان كراهة أن تبسل نفس بما كسبت أي تحجب بكسبها بان يصير لها ملكة أي ذكر من لم يكن دينه اللعب واللهو لئلا دكون دينه ذلك وأما من وصل إلى ذلك الحد فلا ينفعه التذكير أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا لهم شراب من حميم وهو شدة الشوق إلى الكمال وعذاب أليم وهو الحرمان عنه بسبب الاحتجاب بما كسبوا قل أتدعون من دون الله مالا ينفعنا ولا يضرنا أي أنعبد من ليس له قدرة على شيء أصلا إذ لا وجود له حقيقة ونرد على أعقابنا بالشرك بعد إذ هدانا الله إلى التوحيد الحقيقي كالذي استهوته الشياطين من الوهم والتخيل في الأرض أي أرض الطبيعة ومهامه النفس حيران لا يدري أين يذهب له أصحاب من الفكر والقوى النظرية يدعونه إلى الهدى الحقيقي يقولون ائتنا فان الطريق الحق عندنا وهو لا يسمع قل إن هدى الله وهو طريق التوحيد هو الهدى وغيره غيره وأمرنا لنسلم لرب العالمين بمحو صفاتنا وأن أقيموا الصلاة الحقيقية وهو الحضور القلبي .
قال ابن عطاء : اقامة الصلاة حفظها مع الله تعالى بالأسرار واتقوه أي اجعلوه سبحانه وقاية بالتخلص عن وجودكم وهو الذي اليه تحشرون بالفناء فيه سبحانه وهو الذي خلق السموات أي سموات الأرواح والأرض أي أرض الجسم بالحق أي قائما بالعدل الذي هو مقتضى ذاته ويوم يقول كن فيكون وهو وقت تعلق ارادته القديمة بالظهور في التعينات قوله الحق لاقتضائه ما اقتضاه على أحسن نظام وليس في الامكان ابدع مما كان وله الملك يوم ينفخ في الصور وهو وقت افاضة الأرواح على صور المكنونات التي هي ميتة بانفسها بل لا وجود لها ولا حياة عالم الغيب أي حقائق عالم الأرواح ويقال له الملكوت والشهادة أي صور عالم الأشباح ويقال له الملك وهو الحكيم الذي أفاض على القوابل حسب القابليات الخبير باحوالها ومقدار قابلياتها لا حكيم غيره ولا خبير سواه