الآية قام النبي صلى الله عليه وسلّم فتوضأ فسأل ربه D ان لا يرسل عليهم عدابا من فوقهم أو من تحت أرجلهم ولا يلبس أمته شيعا ويذيق بعضهم بأس بعض كما أذاق بني إسرائيل فهبط إليه A جبريل عليه السلام فقال : يا محمد إنك سألت ربك أربعا فأعطاك اثنتين ومنعك اثنتين لن يأتيهم عذاب من فوقهم ولا من تحت أرجلهم يستأصلهم فانهما عذابان لكل أمة استجمعت على تكذيب نبيها ورد كتاب ربها ولكنهم يلبسون شيعا ويذيق بعضهم بأس بعض وهذان عذابان لأهل الاقرار بالكتب والتصديق بالانبياء عليهم السلام وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة والحاكم وصححه واللفظ له عن ثوبان أنه سمع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقول : إن ربي زوى لي الأرض حتى رأيت مشارقها ومغاربها وأعطاني الكنزين الأحمر والأبيض وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها وإني سألت ربي لأمتي أنه لا يهلكها بسنة عامة فاعطانيها وسألته أن لا يسلط عليهم عدوا من غيرهم فاعطانيها وسألته أن لا يذيق بعضهم بأس بعض فمنعنيها وقال : يا محمد إني إذا قضيت قضاء لم يرد إني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكها بسنة عامة ولا أظهر عليهم عدوا من غيرهم فيستبيحهم عامة ولو اجتمع من بين أقطارها حتى يكون بعضهم هو يهلك بعضا وبعضهم هو يسبي بعضا الحديث .
وأخرج أحمد والطبراني وغيرهما عن أبي بصرة الغفاري عن النبي A قال : سألت ربي أربعا فاعطاني ثلاثا ومنعني واحدة سألت الله تعالى أن لا يجمع أمتى على ضلالة فاعطانيها وسألت الله تعالى أن لا يظهر عليهم عدوا من غيرهم فأعطانيها وسألت الله تعالى أن لا يهلكهم بالسنين كما أهلكت الأمم فأعطانيها وسألت الله تعالى أن لا يلبسهم شيعا ويذيق بعضهم بأس بعض فمنعنيها والأخبار في هذا المعنى كثيرة وفي بعضها دلالة على عد اللبس والاذاقة أمرا واحدا وفي بعضها دلالة على عد ذلك أمرين ومن هنا نشأ الاختلاف السابق في العطف وأيد بعضهم العطف على يلبس لا على يبعث بكونه بالواو دون أو ولا يعارض ما روي عن الحسن من عدم وقوع الأولين في هذه الأمة ما أخرجه أحمد والترمذي من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه أن النبي A قال في هذه الآية أما انها كائنة ولم يأت تأويلها بعد وكذا ما أخرج الأول في مسنده من طريق أبي العالية عن ابن كعب أنه قال في الآية : هن أربع وكلهن واقع لا محالة لجواز أن يراد بالوقوع وقوع لا على وجه الاستئصال وبعدم الوقوع عدمه على وجه الاستئصال وكلام الحسن كالصريح في هذا فافهم .
انظر كيف نصرف الآيات أي نحولها من نوع إلى آخر من أنواع الكلام تقريرا للمعنى وتقريبا إلى الفهم أو نصرفها بالوعد والوعيد لعلهم يفقهون .
56 .
- أي كي يعلموا جلية الأمر فيرجعوا عما هم عليه من المكابرة والعناد واستدل بعض أهل السنة بالآية على أن الله تعالى خالق للخير والشر وقال بعض الحشوية والمقلدة : إنها من أدل الدلائل على المنع من النظر والاستدلال لما أن في ذلك فتح باب التفرق والاختلاف المذموم بحكم الآية وليس بشيء كما لا يخفى وكذب به أي القرآن كما قال الأزهري وروي ذلك عن الحسن وقيل : الضمير لتصريف الآيات واختاره الجبائي والبلخي وقيل : هو للعذاب واختاره غالب المفسرين قومك أي قريش وقيل : هم وسائر العرب وأياما كان فالمراد المعاندون منهم وقيل :