هو الله تعالى بلا واسطة وتارة الملك وتارة الرسل وغيره وذلك حسب اختلاف أحوال المتوفى وعن الزجاج وهو غريب أن المراد بالرسل هنا الحفظة فيكون المعنى يرسلهم للحفظ في الحياة والتوفي عند مجيء الممات وقرأ حمزة توفاه بالف ممالة وقريء في الشواذ تتوفاه وهم اي الرسل لا يفرطون .
16 .
- بالتواني والتأخير .
وقرأ الأعرج يفرطون بالتخفيف من الافراط وهو مجاوزة الحد وتكون بالزيادة والنقصان أي لا يجاوزون ما حد لهم بزيادة أو نقصان والجملة حال من رسلنا وقيل : مستأنفة سيقت لبيان اعتنائهم بما أمروا به ثم ردوا عطف على توفته والضمير كما قيل للكل المدلول عليه بأحد وهو السر في مجيئه بطريق الالتفات والافراد أولا والجمع آخرا لوقوع التوفي على الانفارد والرد على الاجتماع .
وذهب بعض المحققين أن فيه التفاتا من الخطاب الى الغيبة ومن المتكلم اليها لأن الرد يناسبه الغيبة بلا شبهة وان لم يكن الرد حقيقة لأنهم ما خرجوا من قبضة حكمه سبحانه طرفة عين ونقل الامام القول بعود الضمير على الرسل أي أنهم يموتون كما يموت بنو آدم والأول هو الذي عليه غالب المفسرين المراد ثم ردوا بعد البعث والحشر أو من البرزخ إلى الله أي إلى حكمه وجزائه أو الى موضع العرض والسؤال مولاهم أي مالكهم الذي يلي أمورهم على الاطلاق ولا ينافي ذلك قوله تعالى : وان الكافرين لا مولى لهم لأن المولى فيه بمعنى الناصر الحق أي العدل أو مظهر الحق أو الصادق الوعد .
وذكر حجة الاسلام قدس الله سره ان الحق مقابل الباطل وكل ما يخبر عنه فاما باطل مطلقا واما حق مطلقا واما حق من وجه باطل فالممتنع بذاته هو الباطل مطلقا والواجب بذاته هو الحق مطلقا والممكن بذاته الواجب بغيره حق من وجه باطل من وجه فمن حيث ذاته لا وجود له فهو باطل ومن جهة غيره مستفيد للوجود فهو حق من الوجه الذي يلي مفيد الوجود فمعنى الحق المطلق هو الموجود الحقيقي بذاته الذي منه يؤخذ كل حقيقة وليس ذلك إلا الله تعالى وهذا هو مراد القائل إن الحق هو الثابت الباقي الذي لا فناء له وفي التفسير الكبير أن لفظ المولى والولي مشتقان من القرب وهو سبحانه القريب ويطلق المولى أيضا على المعتق وذلك كالمشعر بأنه جل شأنه أعتقهم من العذاب وهو المراد من قوله سبحانه سبقت رحمتي غضبي وأيضا أضاف نفسه إلى العبيد وما أضافهم إلى نفسه وذلك نهاية الرحمة وأيضا قال عز اسمه : مولاهم الحق والمعنى أنهم كانوا في الدنيا تحت تصرفاته الموالي الباطلة وهي النفس والشهوة والغضب كما قال سبحانه : أفرأيت من اتخذ الهه هواه فلما مات الانسان تخلص من تصرفات الموالي الباطلة وانتقل إلى تصرف المولى الحق انتهى وهو كما ترى .
وادعى هذه الآية من أدل الدلائل على أن الانسان ليس عبارة عن مجرد هذه البنية لأن صريحها يدل على حصول الموت للعبد ويدل على أنه بعد الموت يرد إلى الله تعالى والميت مع كونه ميتا لا يمكن أن يرد إلى الله تعالى لأن ذلك الرد ليس بالمكان والجهة لتعاليه سبحانه عنهما بل يجب أن يكون مفسرا بكونه منقادا لحكم الله تعالى مطيعا لقضائه وما لم يكن حيا لا يصح هذا المعنى فيه فثبت أنه حصل ههنا موت وحياة أما الموت