معلوما لدي حتى أخبركم بوقت نزوله بل هو مما يختص به جل شأنه قدرة وعلما فينزله حسبما تقتضيه مشيئته المبينة على الحكم وأما لاثبات العلم العام له سبحانه وهو علمه بكل شيء بعد اثبات العلم الخاص وهو علمه بالظالمين وذكر الامام أن معنى الآية على تقدير ان يراد بالمفاتح الخزائن أنه سبحانه القادر على جميع الممكنات كما في قوله تعالى : وان من شيء الا عندنا خزائنه .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال : مفاتح الغيب خمس وتلا أن الله عنده علم الساعة الآية وروي نحوه عن ابن مسعود وأخرج أحمد والبخاري وغيرهما عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما مرفوعا نحو ذلك ولعل الحمل على الاستغراق أولى وما في الأخبار يحمل على بيان البعض المهم لا على دعوى الحصر إذ لا شبهة في أن ما عدا الخمس من المغيبات لا يعلمه أيضا إلا الله تعالى .
ويعلم ما في البر والبحر عطف على جملة وعنده مفاتح الخ أو على الجملة قبله وهو ظاهر على تقدير حاليتها وأما على تقدير كونها تأكيدا فقد منعه البعض لأن المعطوف لا يصلح للتأكيد ولو كان علمه سبحانه بالمغيبات عند المحققين على وجه التفصيل والاختصاص لأن علم الغيب والشهادة متغايران فلا يؤكد أحدهما الآخر نعم قيل : من لم يجعلها مؤكدة جوز العطف عليها فيكون الجملتان مستأنفتين لتفصيل علمه سبحانه وشموله لا غير وجوز أن يكون المجموع مؤكدا لاشتماله على مضمون ما قبله لأن ليس توكيدا اصطلاحيا والمراد من هذه الجملة كما قال غير واحد بيان تعلق علمه تعالى بالمشاهدات إثر بيان تعلقه بالمغيبات تكملة له وتنبيها على أن الكل بالنسبة الى علمه المحيط سواء والمراد من من البر الصحراء ومن البحر خلافه وفي القاموس أنه الماء الكثير أو الملح فقط ويجمع جمعه أبحر وبحور وبحار وتصغيره أبيحر لا بحير وعن مجاهد أن المراد بالبر القفار وبالبحر كل قرية فيها ماء وهو خلاف الظأهر وأيا ما كان فالمعنى يعلم ما فيهما من الموجودات مفصلة على اختلاف أجناسها وأنواعها وتكثر أفرادها .
وما تسقط من ورقة إلا يعلمها أي وما تسقط ورقة من أي شجرة كانت إلا عالما بها فمن زائدة في الفاعل والجملة بعد إلا في موضع الحال منه وجاءت الحال من النكرة لاعتمادها على النفي والتفريغ في الحال شائع سائغ .
وجوز أن تكون في موضع النعت للنكرة والكلام مسوق كما قيل لبيان تعلق علمه بأحوال المشاهدات المتغيرة بعد بيان تعلقه بذواتها فان تخصيص حال السقوط بالذكر ليس إلا بطريق الاكفاء بذكرها عن ذكر سائر الأحوال كما أن ذكر أحوال الورقة وما عطف عليها خاصة دون أحوال سائر ما في البر والبحر من الموجودات التي لا يحيط بها نطاق الحصر باعتبار أنها أنموذج لاحوال سائرها قيل : ولعل الاكتفاء بحال السقوط دون الاكتفاء بغيرها من الأحوال لشدة ملاءمتها لما سيأتي نإ شاء الله تعالى في آية الوفي ولأن التغيير فيها أظهر فهو أوفق بما سيقت له الآية وقيل : لأن العلم بالسقوط لكونه من الأحوال الساقطة التي يغفل عنها يستلزم العلم بغيره من الأحوال المعتنى بها فتدبر فكأنه قيل : وما تتغير ورقة من حال إلى حال إلا يعلمها ولا حبة عطف على ورقة