فطروا على التوحيد وجبلوا على المعرفة ولهم مشارب من بحر خطاب الله تعالى وأفنان من أشجار رياض كلماته سبحانه وحنين إليه D تغريد باسمه عن اسمه قيل : إن سمنون المحب كان إذا تكلم في المحبة يسقط الطير من الهواء وروي في بعض الآثار أن الضب بعد أن تكلم مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وشهد برسالته أنشأ يقول : ألا يا رسول الله أنك صادق فبوركت مهديا وبوركت هاديا وبركت في الآزال حيا وميتا وبوركت مولودا وبوركت ناشيا وان فيهم أيضا المحتجبين ومرتكبي الرذائل وغير ذلك وقد تقدم الكلام في هذا المبحث مفصلا ما فرطنا في الكتاب أي كتاب أعمالهم من شيء ثم إلى ربهم يحشرون في عين الجمع والذين كذبوا لاحتجابهم بغواشي صفات نفوسهم بآياتنا وهي تجليات الصفات صم فلا يسمعون بآذان القلوب وبكم فلا ينطقون بالسنة العقول في الظلمات وهي ظلمات الطبيعة وغياهب الجهل من يشأ الله يضلله باسبال حجب جلاله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم باشراق سبحات جماله قل أرايتكم إن أتاكم عذاب الله من المرض وسائر أنواع الشدائد أو أتتكم الساعة الصغرى أو الكبرى أغير الله تدعون لكشف ما ينالكم إن كنتم صادقين بل إياه تدعون لكشف ذلك قال بعض العارفين مرجع الخواص إلى الحق جل شأنه من أول البداية ومرجع العوام اليه سبحانه بعد اليأس من الخلق وكان هذا في وقت هذا العارف وأما في وقتنا فنرى العامة إذا ضاق بهم الخناق تركوا دعاء الملك الخلاق ودعوا سكان الثرى ومن لا يسمع ولا يرى .
ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فاخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون أي ليطيعوا ويبرزوا من الحجاب وينقادوا متضرعين عن تجلي صفة القهر ولكن قست قلوبهم أي ما تضرعوا لقساوة قلوبهم بكثافة الحجاب وغلبة غشى الهوى وحب الدنيا وأصل كل ذلك سوء الاستعداد قل أرأيتم ان أخذ الله سمعكم فلم تسمعوا خطابه وأبصاركم فلم تشاهدوا عجائب قدرته وأسرار صنعته وختم على قلوبكم فلم يدخلها شيء من معرفته سبحانه من إله غير الله يأتيكم به أي هل يقدر أحد سواه جلت قدرته على فتح باب من هذه الأبواب كلا بل هو القادر الفعال لما يريد قل لا أقول لكم عندي أي من حيث أنا خزائن الله أي مقدوراته ولا أعلم أي من حيث أنا أيضا الغيب ولا أقول لكم إني ملك أي روح مجرد لا احتاج إلى طعام ولا شراب إن أتبع أي من تلك الحيثية إلا ما يوحى إلي من الله تعالى وله صلى الله عليه وسلّم مقام وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى وإن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم وليس لطير العقل طيران في ذلك الجو قل هل يستوي الأعمى عن نور الله تعالى وإحاطته بكل ذرة من العرش إلى الثرى وظهوره بما شاء حسب الحكمة وعدم تقيده سبحانه بشيء من المظاهر والبصير بذلك فيتكلم في كل مقام بمقال ولا تطرد أي لأجل التربية والتهذيب والامتحان الذين يدعون ربهم الذي أوصلهم حيث أوصلهم من معارج الكمال بالغداة أي وقت تجلي الجمال والعشي أي وقت تجلي العظمة والجلال يريدون وجهه أي يريدونه سبحانه بذاته وصفاته ويطلبون تجليه D لقلوبهم ما عليك من حسابهم أي حساب أعمالهم القلبية من شيء لأن الله تعالى قد تولى حفظ قلوبهم وأمطر عليها سحائب عنايته فاهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج وقوله تعالى وما من حسابك عليهم من شيء عطف