الاول أن البدل لا يصحبه حرف معنى إلا أن يجعل الفاء زائدة وهو ضعيف والثاني أن ذلك يؤدي إلى أن لا يبقى لمن خبر ولا جواب على تقدير شرطيتها والتزام الحذف بعيد وفتح الهمزة هنا قراءة من فتح هناك سوى نافع فانه كباقي قرأ بالكسر .
وأجاز الزجاج كسر الأولى وفتح الثانية وهي قراءة الأعرج والزهري وأبي عمرو الداني ولم يطلع على ما قيل أبو شامة عليه الرحمة على ذلك فقال : إنه محتمل إعرابي وإن لم يقرأ به وليس كما قال ومن الناس من قال : إن هذه الآية تقوي مذهب المعتزلة حيث ذكر سبحانه في بيان سعة رحمته أن عمل السوء إد قارن الجهل والتوبة والاصلاح فانه يغفر ولذا قيل : إنها نزلت في عمر رضي الله تعالى عنه حيث قال لرسول الله صلى الله عليه وسلّم : لو أجبتهم لما قالوا لعل الله تعالى يأتي بهم ولم يكن يعلم المضرة ثم انه تاب وأصلح حتى أنه بكى وقال معتذرا : ما أردت إلا خيرا وأورد عليه أنه من المقرر أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب فنزولها في حق عمر رضي الله تعالى عنه لا يدفع الاشكال .
وتعقب بأن مراد المجيب أن اللفظ ليس عاما وخطاب منكم لمن كان في تلك المشاورة والعامل لذلك منهم عمر رضي الله تعالى عنه فلا اشكال وانت تعلم أن بناء الجواب على هذه الرواية ليس من المتانة بمكان إذ للخصم أن يقول : لا نسلم تلك الرواية فلعل الأولى في الجواب أن ماذكر في الآية إنما هو هو المغفرة الواجبة حسب وجوب الرحمة في صدر الآية ولا يلزم من تقييد ذلك بما تقدم تقييد مطلق المغفرة به فحينئذ يمكن أن يقال : إنه تعالى قد يغفر لمن لم يتب مثلا إلا أنه سبحانه لم يكتب ذلك على نفسه جل شأنه فافهمه فانه دقيق .
وكذلك نفصل أي دائما الآيات أي القرآنية في صفة أهل الطاعة وأهل الاجرام المصرين منهم والأوابين والتشبيه هنا مثله فيما تقدم آنفا ولتستبين سبيل المجرمين .
55 .
- بتأنيث الفعل بناء على تأنيث الفاعل وهي قراءة ابن كثير وابن عامر وأبي عمرو ويعقوب وحفص عن عاصم وهو عطف على علة محذوفة للفعل المذكور لم يقصد تعليله بها بخصوصها وإنما قصد الاشعار بأن له فوائد جمة من جملتها ما ذكر أو علة لفعل مقدر وهو عبارة عن المذكور كما يشير إليه أبو البقاء فيكون مستأنفا أي ولتتبين سبيلهم نفعل ما نفعل من التفصيل وقرأ نافع بالتاء ونصب السبيل على أن الفعل متعد أي ولتستوضح أنت يا محمد سبيل المجرمين فتعاملهم بما يليق بهم وقرأ الباقون بالياء التحتية ورفع السبيل على أن الفعل مسند للمذكر وتأنيث السبيل وتذكيره لغتان مشهورتان .
هذا ومن باب الاشارة في الآيات إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون قال ابن عطاء : أخبر سبحانه بهذه اةية أن أهل السماع هم الأحياء وهم أهل الخطاب والجواب وأخبر أن الآخرين هم الأموات وقال غيره : المعنى أنه لا يستجيب إلا من فتح الله سبحانه سمع قلبه بالهداية الأصلية ووهب له الحياة الحقيقية بصفاء الاستعداد ونور الفطرة لا موتى الجهل الذين ماتت غرائزهم بالجهل المركب أو بالحجب الجبلية أو لم يكن لهم استعداد بحسب الفطرة فانهم قد صموا عن السماع ولا يمكنهم ذلك بل يبعثهم الله تعالى إليه بالنشأة الثانية ثم يرجعون اليه سبحانه في عين الجمع المطلق للجزاء والمكافأة مع احتجابهم وقيل : الآية إشارة إلى أهل الصحو واهل المحو وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم حيث