لغرض ولا يحصل له ذلك بل ضده فيجعل كأنه فعل الفعل لذلك الغرض الفاسد تنبيها على خطئه ولا يتصور هذا في كلام علام الغيوب بالنظر إلى أفعاله وان وقع فيه بالنظر إلى فعل غيره سبحانه كقوله D : فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا إذ ترتب فوائد أفعاله تعالى عليها مبنية على العلم التام نعم أن ابن هشام وكثير من النحاة لم يعتبروا هذا القيد وقالوا : انها لام تدل على الصيرورة والمآل مطلقا فيجوز أن تقع في كلامه تعالى حينئذ على وجه لا فساد فيه ومن الناس من قال : إنها للتعليل مقابلا به احتمال العاقبة على أن فتنا متضمن معنى خذلنا أو على أن الفتن مراد به الخذلان من اطلاق المسبب على السبب .
واعترض بأن التعليل هنا ليس بمعناه الحقيقي بناء على أن أفعاله تعالى منزهة عن العلل فيكون مجازا عن مجرد الترتب وهو في الحقيقة معنى لام العاقبة فلا وجه للمقابلة واجيب بأنهما مختلفان بالاعتبار فان اعتبر تشبيه الترتيب بالتعليل كانت لام تعليل وإن لم يعتبر كانت لام عاقبة واعترض بأن العاقبة استعارة فلا يتم هذا الفرق إلا على القول بأنه معنى حقيقي وعلى خلافة يحتاج إلى فرق آخر وقد يقال : في الفرق أن في التعليل المقابل للعاقبة سببه واقتضاء وفي العاقبة مجرد ترتب وأفضاء وفي التعليل الحقيقي يعتبر البعث على الفعل وهذا هو مراد من قال : إن أفعال الله تعالى لا تعلل وحينئذ يصح أن يقال : ان اللام على تقدير تضمين فتنا معنى خذلنا أو أن الفتن مراد به الخذلان للتعليل مجازا لأن هناك تسببا وقتضاء فقط من دون بعث وعلى تقدير عدم القول بالتضمين وإبقاء اللفظ على المتبادر منه وهي لام العاقبة وهو تعليل مجازي أيضا لكن ليس فيه إلا التأدي فان ابتلاء بعضهم ببعض مؤد للحسد وهو مؤد إلى القول المذكور وليس هناك تسبب ولا بعث أصلا والحاصل أن كلا من العاقبة والتعليل المقابل لها مجاز عن التعليل الحقيقي الا أن التعليل المقابل أقرب إليه من العاقبة ومنشأ الأقربية هو الفارق والبحث بعد محتاج إلى تأمل فتأمل وإذا فتح لك فاشكر الله سبحانه .
أليس الله بأعلم بالشاكرين .
35 .
- رد لقولهم ذلك واشارة الى أن مدار استحقاق ذلك الانعام معرفة شأن النعمة والاعتراف بحق المنعم والاستفهام للتقرير بعلمه البالغ بذلك والباء الأولى سيف خطيب والثانية متعلقة باعلم ويكفي أفعل العمل في مثله وفي الدر المصون العلم يتعدى بالباء لتضمنه معنى الاحاطة وهو كثير في كلام الناس نحو علم بكذا وله علم به والمعنى أليس الله تعالى عالما على أتم وجه محيطا علمه بالشاكرين لنعمه حتى يستبعدوا انعامه D عليهم وفيه من الاشارة إلى أن أولئك الضعفاء عارفون بحق نعم الله تعالى عليهم من التوفيق للايمان والسبق اليه وغير ذلك شاكرون عليه مع التعريض بأن القائلين القائلين في مهامه الضلال بمعزل عن ذلك كله ما لا يخفى .
وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا هم كما روي عن عكرمة الذين نهى صلى الله عليه وسلّم عن طردهم والمراد بالآيات الآيات القرآنية أو الحجج مطلقا وجوز في الباء أن تكون صلة الايمان وأن تكون سببية أي يؤمنون بكل ما يجب الايمان به بسبب نزول الآيات أو النظر فيها والاستدلال بها وفي وصف اولئك الكرام بالايمان بعد وصفهم بما وصفهم سبحانه به تنبيه على حيازتهم لفضيلتي العلم والعمل وتأخير هذا الوصف مع أنه كالمنشأ للوصف السابق لما أن مدار الوعد بالرحمة هو الايمان كما أن مناط النهي عن الطرد فيما سبق هو المداومة على العبادة وتقدم في رواية ابن المنذر عن عكرمة ما يشير إلى أنها نرلت في عمر رضي